بقلم الأستاذة : حنكة حواء ـ
الجزائر ـ
*** مُهــداة
إلى مَاما محَاسن ، رحاب ، هنادي ، راهبة ، هيفاء ، مهدية وأماني طه الغائبة
الحاضرة ***
بعْض
الكلمـــاَت حنيِن جَــمره أبديّ الوهَج .
ذكريـــَــــــات
طفولــــــة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صَدِيقَتِي "مُنَى "
شَقيَّة جـدًّا ...تَسْـرقُ دَوْمًا الدَّنَــانيِـر المَوْجُـودَة بصُنْدُوق
المَفْقُـودَات في القِسْم ، حِين السَّــرقة ؛ تَضَعُنِي حَارِسَة بِــالبَاب ؛
لا أسْتطيع الرّفض خَـوفًا منْها ، و كُلَّمَــا وَدَدْت نُصْحَهَا ، تَقُــول : اخْرسِي
ألاَ تريدُين الحَلْوَى! .. انْتهِــي مِن دوْر الوُعَّاظ هـَذا ،بَات رأسِي
يُؤلمنِي منْه ، تْشبهين أمّي تضربنًي حينَ أكذِب ؛ وتكذِب هِي علَى أبِي
والجِيرَان...
تفتَح الصّندوق بخِفّة ،
تأخذ الدنّانِير دُون أن تُحدثَ فوضَى فِيه ، ثمّ تُغلقه ببُطْء ، وتَحثّ الخُطَى
نحْوي وجِلة ، تَتَلَفَّت يُمْنَة وَيُسْرَى ،لتتأكد أنْ لا أحَــد رآنا ، ثمّ
تَجْذِبُنِي مِن يَدِي ، وجَرْيًا بِي للدُّكَان ..
كَانَت بَارِعَة في خِداع
البائعِ ، تمدّ يَـدها له بالدّينار تطْلُب الحَــلوى ، وما إن يُحاول أخذه حتّى
تسْقطٌه أرضًا ، ينْزل المِسْكين لأخْذه ، وبسرعة فائقة تفْتك بضْع حبّات حلْوى
إضَافية ،ونحْن بالطَّريق تَمْنَحُنِي حَبَّة وَاحِدة وتَأْخُذ الكُلّْ ، مَا إِن
تَضَعُهَا بِيَدي ، حتَّى تُفَنِّدَ رَافِعَة حَاجِبَهَا الأيْسَر( ألاَ يُعْجِبُك..
؟ )، أَحْمَرُّ خَجَلاً قائلة (لا لا لا ، بَلَى يُعْجِبُنِي ).
بعدها نَجْلِسُ عَلَى
حَائِط المَقْبَرة ، هو مكَان جلُوسنا الدَّائم ، تَبْدَأُ بِالأكْل ،وهي تُحرِّكُ
رِجْلَيْها فَرَحة ، تَضْحَك وتَرْوِي مُشَاغَبَاتِهَا تارة وَ تَعُدُّ القُبُـور
تَارة أخرى، أرَقبها وأنَا أقْبِضُ عَلَى حَبَّةِ الحَلْوى بيَدِي خَشْية أنْ
تَسْأَلنِي : لِمَ لمْ تَأكُلِيهَا..؟
مَع الغُرُوب ؛ تُغَادِرنِي وهِي تَغْمِزُنِي : غَــدًا
يا مُسَاعِد ...أُبَادِلُــهَا ابتسامة خفيفة ، لا تعبَأ بفتور ابتسامتي ، بل
تُقَهْقِــه عَالِيًا وتمْضِي ؛ مَا إِن تَخْتَفِي حَتَّى أَجْــرِي باتجاه قَبـْر
الَولّي (سِيدِي لِمَام ) ، أَضَعُ حَبَّة الحَلْوى هُنَاك وأهْمِس ( هَاهِي.. اشْهَد
مَعِي أَنِّي لَمْ أسْرِقْ ).
بقلم الأستاذة : حنكة حواء ـ الجزائر ـ الوادي ـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق