وترفُضُني دَا..... !!
بقلم الأستاذة : حنكة حواء
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اخْتُطف ليْلا ، سَاعة
كَاميرَا المُراقبَة تشِير إلى الواحَدة وثَلاثِين دقيقَة ، المُخدّر الذِّي رُشّ به
فجْأةً ،كاَن كَفيِلا بأنْ يمنَحه فُرصَة بقَدر الثَانيَة ؛ ليَرى خيَالات يرُدّها
عقْله البَاطِن إلَى أشْخَاص ؛ لم يسْتطِع تحْديد عدَدهم ، فقَد غَطّ بسرْعَة فِي نَــوْم
عمِيـــق ، صحا منْه علَى صفْعة مُدوّيَة فجَّرت طبْلة أذُنُــه الدَاخليَة ، فاستيْقظ
مَذْعُـــورا ، ليجِــد نفسَه في كهْف جبَلِي ، يلتَفُّ حوْله ملثَّمون كالغِربان ،
كثْرة الرَّكلات و الرفَّسات العشْوَائيَّة وصُراخُه وشِدّة الألَــم الذي يُكابِــده،
لمْ يتْرك لَه الفُرصَة ليكوّن صُورة شَاملة للمَكَان ، بلحظَة حظّ منحَها لَه القَــدر
، فضَّ جمْعَهم مُلثّم آخر بدا كأنَّه رئيسُهم ، اقتَــرب منْه ،و شدّ علَى رقبَته
بكلْتا يَديْه حتَّى كَـــاد يُزهِق روحَه
ـ " أنت إذا مُخبرٌ
سرِّي ... رصَدتك كامِيراتُنا قرْب حَاوية القُمامَة بوقْت متَأخِّر مِن اللَّيْل ،
كنْت مرتبِكا تتَلفَّت يمْنة ويُسْرة ، لكن !! و شدّ أكثَر على رقبَته حتَّى جحَظَت
عيْنَاه ، أتظُنًّنا غَافِلين ؟ ، الكثِيرون غيرُك تمَّت تصْفيتُهم ، سيَكون هَــذا
مصِير كُل الخَــونَة .
- حَاول أن يسْتجْمع بعْضًا
مِن بقَـع أوكْسجِين تُحتَضَر وردّ بصَوت مَبْحوح : كنْنننننت أبْببببحث عَ....نننْ
طَعَاااااامممْ
ردّ عليْه بصَفعة قوَية
شجَّت خَــدَّه :
ـ أتهْــزأ بِي يَا كلْب......؟
ـ ستَرى ما سَنفعَله بِك
، أومَأ لرفَاقه بَرأسِه ، فَانكبوا عليْه يُمطِرونَه بلكَمَات أفْقَدتْه وعْيَـــه
، فقْـدان الوَعْي أحيانا يمْنحُنا بعْضَ الرَّاحَة ، فُــرصَة أُخْــرى تمنَحُها لنَــا
فيزْيولُوجْيا الجِسْم ، صحا بعْدَها ليَجد نفْسه فِي صحْراء قاحِلَــة ، جاثيا علَى
ركْبتيْه ، يلبَس لبَاسا بُرتقَاليًّا ، وشَخْص مُلثّم خلفَه؛ ممْسِكُ بقفَاه وبيَده
خنْجَر، و كامِيرا مُوجهَة لَه ، يقِف مُصوّر خَلفَها ، ومَلثّمون آخرون يقفُون غيْر
بعِيــد ، يحْضُرون فِيلْـــم ذبْحِــه ؛ تكلَّم المُلثَّم من خلْفَه بعَربيَّة مُتكسِّرة
، واضِعًا الخِنجَــر علَى رقبَتِه :
ـ اعتَرف قبْل مَوْتِك
- بمَاذا أعْتَـــرفْ
؟
- اعتَرف أنَك مُخبِر
سرِّي ، وأنك كنْت ترْسِل أخبَارا عنَّا ، تضَعها بحَاويَات القُمَامة .
ـ سيِّدي لسْت مُخبرًا
، أنَا كَاتِب .
ـ يقَهقِه المُصوِّر ،
كاتِب (هَا هَا ...)، كاتِب أمْ قطَّة حَاويَات !!
ـ لمْ أجِد مَا آكله ،
لا أملك غيْر أورَاقي وكتُبي ، أخْرج كلَّ ليْلة ، بعْد هُــدُوء الشَّوارع وخلوّها
مِن المَارَّة ، أبْحث علّي أجَــد مَا أسَّد بِه رمَقِـــي ، لمْ أشَــأ التَّسوُّل
خوفًا علَى سُمْعتي وشهْـرتي الأدبيّة ، ولا أريد أيضًا أن أمٌوت علَى الرَّصِيف جُوعًا
، كما مَات البَعض مِن الشُّعَــراء والكتًّاب.
ـ هيَّا لا تضيّع الوقْت
اعتَرف .
- الكلُّ كَان يُصْغي
بكَثير مِن الدّهشَة ، ربَّما لمْ تظْهر انفَعالاَتهم بسبَب لبَاسِهم ، لكِن هَمساتِهم
فيمَا بينْهم كانَت تُبْدي استنْكَارهِم للأَمْـــر
ـ انفَجَــر رئيسُهم غاضِبًا
وصَرخ :
ـ يا لَك مِن مَاكِـــر
، أتطلب ذبِحك مِن أجْل أنْ تشْتهِـــر ؟ ، هذَا سيَكُون فِي أحْلامِك
ـ أعيدُوه حيث القُمامة
، سيَكون المَوت جُوعًا ،أقسَى عليْه من الذَّبح.
حنكة حواء ـ الجزائر
ـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق