شيب
يعاكس الشّعرُ لون القلب..فإن كان القلبُ أبيض بفرحه ..كان
الشَّعر أسود ..وإن اسودَّ ليل القلب ، ابيضَّ شَعر صاحبه..
--------------
شعر: محمد
جربوعة ـ الجزائر ـ
--------------
تـقـولُ شِـبـتَ ، فـقـلتُ الـشـيبُ مِــن تَـعـــــبي
مِـــن هـــمّ قــومـكِ، أهـــلِ الـمـحنة ،الـعــربِ
والــــمـرءُ يـــكــبــرُ بـــالأحـــزان ســيّــدتــي
ولا يـشـيـبُ - عــلـى عـلـمـي- بـــلا ســبــــبِ
لـــو كــنـتُ شــاعـرَ قـــوم فـــي شـوارعــهـمْ
يـلـقَـى الـبـنفسجُ فــوق الـنـاسِ لــم أشــــــبِ
لــكـنّـنـي مِـــــن بـــــلادٍ فـــــي شــوارعــهـا
تُـلـقى الـبـراميلُ فــوق الـنـاسِ فــي غــضـبِ
فـــهـــل بـــرأيـــكِ مَــــــنْ يــحــيــا بــزنـبـقـةٍ
كـمـنْ يـعـيشُ بـمـشوى الـلـحم فـي اللهــــبِ؟
مـــن ســـوء حـظـي وحــظّ الـشـــعرِ أنّ أبــي
عــلـيـه رحــمـةُ ربّـــي .. شـــاء ذلــــك بـــي
وكـــــــانَ يــفــتــلُ كــالـسـلـطـان شـــــاربـــهُ
يـــقــولُ : ((عـــزّكَ
فــــي الأوراق والــكـتـبِ
وتــــــــاج رأســـــــكَ أبــــيـــات ســتـكـتـبـهـا
تــصـيـرُ أغــلــى مــــن الــيـاقـوت والــذهــبِ
فـــعــضّ يــــا ولـــدي حــبّــا عــلــى وطــــنٍ
قــــــد لا يــحــبّــكَ.. وامـــدحـــهُ ولا تـــعـــبِ
وإن رأت فـــيــكَ بـــعــضَ الــشــيـبِ ســيــدةٌ
فــأنــكـرِ الأمـــــرَ فـــــي رفـــــق وفــــي أدبِ
فـــقـــد تــــــلامُ بــــــلادٌ أنــــــت تـسـكـــنـهـا
راعِ الـــبـــلادَ ولــــو بــالـنـفـيِ بــالــكـذبِ ))
ووالــــــدي طـــيّـــبٌ .. يــخــفـي مــواجــعـهُ
إن ذابَ يـــصــرخُ: لا مــــازلـــتُ لـــــــم أذبِ
إن صــــادَ يُــحـزنُـه مــــا صـــادَ فــــي يــــدهِ
ويــشــكــر اللهَ إن ألـــقـــى ولـــــم يـــــصــبِ
دعـــــي الــجــراحَ ..دعــيـهـا فــــي أكـنّـتـهـا
ولا تــصـبّـي إنـــاءَ الــزيــت فــــي الــحـطـبِ
ألا أشـــيـــبُ وزهــــــرُ الـــشـــام تــقــطـــفـهُ
أصـــابـــعُ الإثــــمِ ،والأشــــــلاءُ لــلــرُّكـبِ
؟
وحـــــبّــــيَ الأوّلُ الـــشّـــامـــيُّ لاجـــــــئــــةٌ
تــكــمّــدُ الــقــلــبَ بــالــمـذيـاع والــخـــطــبِ
لا أعــــــرف الآن عــنــهــا أيـــنَ خــيـمـتـهـا
أو قــبــرهــا ، إن ثـــوتْ بــالـفـعـلِ لــلــتـربِ
ومـــــن تـظـنـيـنَـه مـــــن نـــســل فــاطــــمـةٍ
شخصٌ مِن الفرسِ (.....) أستحيي، بدون أبِ
ألا أشـــيــبُ ومـــــاءُ الــنــيـل صــــار دمـــــا
وحــيــن يُـــجــرح نــهــرٌ فــاتــركـي عــتـبـي
والــجــامــع الأزهــر الــمــصـريُّ مــعـتـكـفٌ
يـــحـــلّــلُ الـــقــتــلَ إرضـــــــاءً لــمــنـقــلـبِ
وفــــي الــعــراقِ نــخـيـلٌ لــــم يــنـم ســـــنـةً
يـقـلّـب الــكـفّ طـــول الــيـومِ فـــي عــجـــبِ
وفــــي الـمـسـاءِ يــعـدّ الــشـايَ ، مـرتـشـــفا
يــــقـــصّ قـــصـــتــهُ لــلــتــيــن والـــعــنــبِ
يــــقـــول آهٍ..ويـــبــكــي مـــــــن تـــوجّــعــهِ
ويــمــسـحُ الــدمــع حــبــات مــــن الــرُطــبِ
وفـــي طـرابـلـسَ فــوضـى .. مِـــن تـداخــلها
تـصـوم رمْـضـانَ فـي الـعـشرينَ مــن رجــبِ
وقــــــــد رأيــــــــتُ بـــــــرامَ اللهِ ســـاقـــيــةً
تــقــسّـمُ الـــمــاءَ بـــيــن الــنــار والـــعُـشُـبِ
مــــرجُ ابــن عــامــرَ لا يــرضــى بـقـسـمتها
وســهـلُ عــكّـا وحـقـلُ الـقـمـــحِ فــي الـنـقبِ
قــلـبـي مـــن الـلـحـمِ حــسّـاسٌ ويـوجـعــــني
وكـــم تـمـنـيتُ لـــو قـــد كـــان مــن خـشـــبِ
وهـــــــل أكـــــــون طــبـيـعـيّـا ومــنـسـجــمـا
إن عـشتُ شـهرين فـي أرضـي ولـم أشـــبِ ؟
شعر محمد جربوعة
ـ الجزائر ـ
الجمعة 13 كانون
الأول – ديـسمبر 2013 م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق