بقلم الأستاذ
: الجيلاني شرادة ـ عليه رحمة الله ـ
مقال بجريدة الجمهورية
لليوم الاثنين 2015.04.06
تحت عنوان:
هاجس
المقروئية الحديثة.
وضرورة
التكامل بين الأدب ونقده ....
يحتم علينا المنطق العلمي والنقدي ضرورة الإقرار بتلازم فني الأدب والنقد، وهو
ما يمكن استنتاجه من مسيرة التكامل بينهما عبر العصور الأدبية، فحتى وإن تأخر بروز
النقد – نسبيا- إلا أنه ظل ملاحقا وفاعلا في العملية الإبداعية الأدبية منذ مراحلها
الأولى. وللتدليل على مظاهر التلازم والتكامل المصيري بين النقد والأدب عموما، فيمكن
ملاحظة الملامح التالية.
01- إن أول ناقد للعمل الأدبي؛ هو الكاتب صاحب العمل نفسه، الذي يسعى منذ ساعة
ميلاد إبداعه إلى التعديل فيه بالحذف أو الإضافة وما يترتب على ذلك من أساليب التنقيح،
وهي كما نعلم عملية تطبيق نقدي ذاتي.
02- كان أهم نقاد العرب مبدعين أدبيين بالأساس، بداية بالناقد العربي الأول؛"النابغة
الذبياني" الذي كان شاعرا فحلا، مرورا بالناقد "الجاحظ"، الذي كان قاصا،
وصولا إلى الشاعر والقاص "عباس العقاد"، كما كان الناقد الكبير "طه
حسين" قاصا ومبدعا. مما يؤكد التصاق النقد بالإبداع الأدبي
03- عبر العصور الأدبية؛ كان كلما ازدهر الأدب إلا وصاحبه ازدهار في النقد الأدبي،
ولم يحدث أن برز أحدهما في غياب الآخر، ويفسر هذا الأمر ازدهارهما في العصر العباسي،
وركودهما في عصر الضعف، وعودتهما في عصر النهضة.
مما سبق نستخلص أن التلازم والتكامل بين الأدب والنقد ضرورة أدبية ولا يعقل
التنافر بينهما، مما يوحي بأن العلاقة بين النقاد والروائيين- مثلا - ينبغي أن تكون
علاقة تعاون وتجاذب حميمي يخدم الإبداع الأدبي عموما والرواية الحديثة على الخصوص.
وما يشاع من اختلاف بين النقاد والروائيين يعتبر حادث عارض، كما أن نفور بعض
من جيل الروائيين الجدد من رأي النقاد يعد موقف مزاجي عابر، يصدر من بعض الروائيين
لا يمكن تسجيله كظاهرة أدبية أو نقدية حديثة. كما يجدر التأكيد بأن لموقف بعض الروائيين
هذا أسبابه ودوافعه؛ منها ما تعلق بطبيعة النقد الحديث نفسه، ومنها ما يتعلق بسلوكيات
بعض المحسوبين على النقد الروائي. ولعلاج هذا الخلل ينبغي اعتبار النقد على أنه إثراء
للنص الأدبي بالوقوف على جمالياته وإبرازها، وبإظهار فنياته الإبداعية وتثمينها، بعد
ما تتم عملية الغربلة والتمحيص، وما يستوجب ذلك من تقييم موضوعي وتوجيه أدبي عند الضرورة.
كما يقدم العمل النقدي على طبق شهي يجذب القارئ ويحيله على النص الإبداعي الأصلي، لأننا
وفي هذا الزمن الأدبي العصيب علينا أن نفكر في المقروئية التي تسربت عنا، والقارئ الذي
غادر النص الأدبي، وفي كيفية الحفاظ على بقايا المقروئية. لذا كان على الناقد أن ينزل
من منبر الأستذة وأن يسعى إلى تبني العمل الأدبي ومعالجته بمسؤولية عالية، كما على
البعض أن يبتعد على النقد ألإخواني المقابل للانتقاد المنطلق من خلفيات ما، وكلاهما
مؤثر على النقد الحيادي البناء الذي ينشده الجميع..
بقلم الأستاذ : الجيلاني شرادة ـ الجزائر ـ ولاية الوادي
رحمه الله وأسكنه فسيح جنّاته
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق