طحين المجاملة
حسين الأقرع |
النّقد
باب الجودة ، ولن تقوم القــائمة لأيّ عـمل إذا لم يـمرْ على صراط الأخـذ
والــرّدّ ، فبالرَّغم من المكاره التي تحفّه ، إلاّ أنّ العاقبةَ خيرٌ وأبقى
... من هنا تبدأ الخاتمة .
العلقم
مُرّ ، وتبًّا لمن أصرَّ على أنَّه أحلى من السُّكَّر ، ونِتَاج النِّفاق
أمر، حين تقتحمُ الرَّداءةُ عرينَ التَّميُّز ، فما رأيت ، وما سمعت ، وما
خطر على بالي مصيبة أعظم من مصيبة المجاملة في غير موضعها ، أو المبالغة
فيها حتى لمن يستحقّها ، فهي بحسب التَّشخيص وتكرار الفحص والتَّمحيص لَداء
فقدان الإبداع ، تُشِلُّ الفكر وترسم الصِّفر ولها مزَالق أخرى .
وعندما
نتحدَّث عن إفرازات المجاملة ، وشَرَرِ الجهل الذي ترميه على عجل ، فلا
يمكن أن نحصرها في جانب معين ، فالشَّاعر وقرضه للشِّعر ، والجامعي وتصفبفه
للشَّعر !! والسّاسة والسِّياسة ... إلخ ... فكلّ ما يتعلق بالحياة
الإنسانية فهو في حيِّز الخطر إذا نفثت المجاملة سُـمَّها عليه ، فالمجاملة
من أجل جَلب مصلحة على حساب فِكر له ما بعده ... لهي الهاوية بحقِّ اليقين
وعلم اليقين وعين اليقين ، وإنها والله موت للمُجَامَل لا بعث بعده .
فاللَّبيب
من يرسم لِـخطواته معلمًا متعامدًا متجانسًا ، ولا يسمع إلاّ من مختصّ ،
ولا يحسب أنّ مقياس الاختصاص الشّهادة ، فقد يَجدُ حمارا في جلد إنسان
ويحمل من الشّهادات الكثير !! ، وعلى النّاقد أن لا يُبَدِّل النُّون راءً
فيصبح بِحدِّ ذاته علامة استفهام ، وأن يجعل الضَّمَّة منهاج حياته ،
فقيمته بِـحسب ثقل شخصيّته ، فالقوي الأمين من يؤثّر بإيجابية لا متناهية ،
لِيكون الـحُمَام لا الـحِمَام .
فما
الانحطاط الذي تسبح فيه الأمّة العربية في جميع المجالات إلاّ نتيجة
للتّصفيق وإرسال التَّهاني والأماني للفاشلين على حساب النَّاجحين ، فهيهات
أن يتقمَّص الغراب شخصيَّة الطاووس ...
فالمجاملة
لها حدّ ، وتكون من باب التّشجيع للمبتدئين ولو أخطأوا ، وهذا حسب معايير
تحدّدها الأخلاق ، أمّا من له في القوم نحو فخطأ منه له عطبه ، فالأحسن
التّشديد من غير تعنيف ولا يمكن نسيان أنَّ آخر العلاج الكي ، فالحقّ أحق
وما خاب من صدق ، ولو تَسبَّب الصِّدق في نَتْف ريشه ، وتكدير عيشه ،
وتعجيل نعشه ... فالنّجاح فعل وقول ، لأنّ النّاجحين أفعالهم تسبق أقوالهم ،
وقد يُغْني الفعل عن الحديث ... هنا تنتهي المقدمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق