أعلان الهيدر

للنشر في مدونة محكمة النقد يرجى إرسال المادة مرفقة بالصورة على العنوان الآتي :
lagrahocine@gmail.com
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط، و لا تعبر بالضرورة عن الموقع أو القائمين عليه ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك.

الخميس، 2 يوليو 2020

الرئيسية 🖋️عبدالوهّاب سلطان الدِّيروي، / المُبادَرةُ_العفويّة_تمنح_الكتابةَ_تدفّقًا_و_سلاسةً.

🖋️عبدالوهّاب سلطان الدِّيروي، / المُبادَرةُ_العفويّة_تمنح_الكتابةَ_تدفّقًا_و_سلاسةً.



عجيبٌ أمرُ الكتابة، لا ينفع في سلاستِها و تدفّقها كثرةُ التأنّي وعُمقُ التفکیر وطولُ الرويّة، بقدرِ ما ينفَع فيها عجلةُ الطبع، وسرعةُ تحريكِ الذهن، ومجانبةُ التكلُف في استجلابِ الألفاظ، والسذاجةُ في اختيارِ الأسلوب، والعفويّةُ في انتقاءِ التعبير.
هذه المبادرة العفوية تمنح الكتابةَ مِن الرقّة والسلاسة، والجرَيان والعذوبة، ما يجعلها كالماء المتدفق الجاري، لا يجِد القارئ في فهمِها حَرَجًا، ويُسلَّم تسليمًا.
والسبب أن الذي يقِف عند كلّ كلمة، ويفكّر في كلّ فقرةٍ، ساعيا للإتيان بها في أسلوبٍ تعبيري مُنمَّقٍ، لا يأمَن من تزوير المشاعر، و تلفيق الأحاسيس.
وهذا ما يُفقِدها (الکتابةَ) سَیلانَ الأفكار، وتدفّق المشاعر، وجرَيان الأحاسيس، فتأتي معها كتابتُه مُلتوية،ً ومُعَقّدَةً، وفي حِبكةٍ عاريةٍ عن جمالِ التناسق، وقوّة التنظيم، وروعةِ السياق، وحسن الانسجام.
سرُّ الغزارة المتدفقة في الكتابة أن تبادِر بالكتابة عاجلا، فورَ ما تلمَع الفكرةُ في زاويةٍ من عقلك، أو تعلَق خاطرةٌ بحاشيةِ من قلبك.
ولا تنتظر أن تؤاتيكَ التعابير الحسناء ببلاغة الجاحظ، وجزالةِ ابن المقفع، ورشاقةِ أبي حيّان، وروعةِ المنفلوطي، وسلاسة الطنطاوي، وحماسةِ الندوي..!
وهؤُلاء الاعلام لم يحظَوا بهذه الخصائص لأنّهم ترقّبوا كل كلمةٍ، وتقعّروا فيها، وتنمّقوا في نسجِها ببعضها، أبدًا!.
إنّهم أُوتُوا كلّ هذا السِّحرَ البيانيَّ السلسالَ؛ لأنهم عجِلوا في كتابةِ كلّ ما بدا لهم، و بادَروا بتسجيل ما خَطَر لهم.
فجاءت كتاباتُهم كما نرى، مَثَلاً في الأدب الرفيع یُحتَذَى.
إذا أردتَ أن تأتي كتابتك سلسِةً، حلوةً، مُستَساغةً فاعجَل بالتنفيس عن أُوار المعاني المتوهّج في نفسِك في أول فرصةٍ مؤاتِيةٍ، وبأول كلمةٍ تُطاوِعك، وقبلَ أن ينفلتَ المعنى المحبوس، ويشردَ اللفظ المُطاوِع.
هكذا هي تجربةُ الكُتّاب والأدباء، سجّلوها في تجاربِ حياتِهم، وشهِد بها شاهدون من أهليهم.
إنّ الذي يجدُ في نفسِه حاجةً لِيكتب عنها، وهو لا يبادِر بتقييدها، متريّثًا الكلمةَ الرائعة، والتعبيرَ البديع، كَمَن وقع على صيدٍ، وهو لا يمُدّ يدَه إليه، لِيحبسَه، بل ينتظر قفصًا جميلًا مُزَخرَفًا. فلا صيدُه يبقى، ولا القفصُ يأتي.
وبالتجربةِ، فإنَّ كاتِبًا كهذا سُرعانَ ما يفقِد التمالكَ على نفسِه وقلمِه، فيضطرَّ لتكليف الذهن ما لا يستطيع، و تحميلِ القلمِ ما لا يحتمِل. فيتعسّف ويتكلّف، ويتدنّى ويُسِفّ، ولا يأتي بجيّدٍ وجديدٍ.
وهذا ما يُفسِد الكتابة، ويُذهِب سلاستها وبهاءَها، ويسدّ تدفّقَها ورونَقَها، ويمنع توثَّبَها وسيَلانَها.
فتأتي (الكتابة) ثقيلةً على النفسِ، ملتويةً على الفهم، مُعقّدةً على اللسان، تكون أشبَهَ شيء بماءِ الوَحل الكثيف المتعفن، وليس كماء النهر الجاري الغزير المتدفق.!
🖋️عبدالوهّاب سلطان الدِّيروي
📑حَصادُ اليوم: 3 ذو القعدة 1441ھ


يتم التشغيل بواسطة Blogger.