السّاعر - مسلسل شعري ( الحلقة الثانية)
بقلم الأستاذ الشاعر : محمد جربوعة ـ الجزائر ـ
سمعت (زينب) كلام
والدها ، شيخ القبيلة، وهو يبدي خشيته من استضافة الساعر، واستخفّتها العجلة من خلف
الخباء، فخرجت دون برقعها،وفي عينيها كيد نسائي عظيم.
1-
خـرجـتْ إلـيـه تـقـول:
(( مـهـلا يــا أبــي
رُحــمــاكَ بـالـضـيـفِ
الــغـريـبِ الـمـتـعَـبِ
أنــــــا لـــســت
أنـــكــرُ أنـــــهُ مــتــأنّـقٌ
وكــلامــهُ (…)،
تــبّـا لـــه مـــن مُــطـرِبِ
وعــــيـــونـــه
وثــــنـــيـــةٌ ، وغـــــــــرورهُ
جـــــدا يــنـاسـبُـه..
وهـــــذا مــذهــــــــــبـي
يـــا ويـــحَ مَـــن
نــظـرت إلــيـه وطــوّلـتْ
واســتـأمـنـتـهُ
بـجـهـلـهـا لـــــم تــــــهــربِ
لــفــتَ انـتـبـاهـي
مــــن مــجــرّد هـــــزةٍ
فـــــي حـاجـبـيـهِ
.. كــهــزة الـمـتـعــــجّبِ
أخــشـاه مـثـلـكَ،
قـــد أمـــوت بـسـكــــتةٍ
قـلـبـيـةٍ لــــو
قــــالَ لــــو بـيـتـيـن بــــي
وأنـــــا كـــمــا
تـــــدري أذوب بــهـمـسـةٍ
أو وردةٍ مــشــبــوكـة
فـــــــي مَــنــكِــبِ
أخــشــاه مــثـلـكَ
يـــا أبـــي وعـلامـتـي
مـــا ســـال فـــوق
جـبـيـنيَ الـمـتـصبّبِ
لــــكـــنّ واجـــبَــنــا
تــــجـــاه ضــيــوفـنـا
بــــذلُ الــنــدى
، ولـتـلـكَ عـــادةُ يــعـرُبِ
فــامــدد يـمـيـنك
كـــي يــحـسّ بـلـطـفنا
واضـــرب عـلـى كـتـف
الـغـريب وطـبـطبِ
دع عـنـكَ هـاجـسك
الـقـديم وقـــــل لــه :
(أهــلا وسـهـلا
، قــد وصـلـتَ).. ورحّــبِ
أفــــرِش لـــه
طـــرف الـعـبـاءةِ وابـتـسـمْ
فـــي وجــهـه ،أحـبـبـت
أم لــــــم تُـحـبـبِ
فـإذا انـتشى وتـلا
الـقصائد فـــــي الـدجى
فامنعهُ، قل (يا
ضيف صلّ على النبي)( )
فـــــإذا اســتــمـرّ
بــهـمـسـه وجــنــونـه
فـــاســتــلّ ســيــفــكَ..إنـه
لــمــذوّبــي
هـــي لـيـلـةٌ
..قـلـبـي الـصـغـيرُ يـمـامـةُ
و(الله يــســتـرُ)
مـــــن ذوات الــمـخـلـبِ
مـــاذا يــقـول
الــنـاس ، يـــا ويــلـي أنـــا
إن لـــــم نــقــم
بــالـواجـب الـمـتـرتّـب ؟
ولــعــلــهُ يــــــا
والـــــدي مــسـتـوحـشٌ
أو جــائــعٌ، أو
ظــامــئٌ لــــم يــشـربِ ))
2-
الساعر:
مـا كـنتُ مـا قـالتْ
، وتـعرف أنّـني
في صرتي، زاد الطريقِ،
ومشربي
لـكـنـها أنــثـى
، ومـــا الأنـثـى إذا
هـي لـــم تـزدْ
فـي قـولها أو تكذبِ
هـــي روحُ والــدهـا
وبــؤبـؤُ عـيـنهِ
ووحــيـدةُ الـبـيت
الـكـريم الـطـــــيّبِ
تـحكي بـعينيها وتطلبُ
ما اشتهتْ
بــإشـارة مــن رأسـهـا
إن تـطـلبِ
إن هـــمّ بـالأشـيـاء
يــأخـذ رأيــهـا
ويـقـول لا لـلـشيء
إن لـم تـرغبِ
حـنـاؤها فـي الـكفّ
تـفضح ذوقـها
حمراءُ كالشفق الذي
في المغربِ
وعـيـونـهـا بــدويـةٌ
فـــي عـمـقـها
ســـرّ كـبـيـرٌ
مـثـل ســرّ الـمـذنبِ
فـلـربـما كــانـت
تــحـبّ قـصـائدي
أو مـن أشـدّ الـمعجبات
الـحور بي
مِـن سـرعة اسـتعجالها
لـم تـنتبه
نـسيتْ غـطاء الـوجه،
لـم تـتنقّبِ
فرأيتُ - يا سبحان
من خلق الدوا-
مـا يُـذهب الأمـراض
عـن مـتطببِ
وجـها كـقرص الـبدر،
يَـقتلُ حسنهُ
وتـعـيد نـظـرتُها
الـشـباب لأشـيبِ
كـان اسـمُها - والله
أعـلم- (زينبٌ)
فـعـلا تـجـنّنُ
..يــا لـهـا مـن زيـنبِ
أنْـست فـؤادي من
خرجتُ لأجلها
والأصـلُ فـي المعروفِ
حبّ الأقربِ
وعـرفـتُ عـذرَ أبـي
الـفتاة وخـوفهِ
مـني، وقـد سـامحتــــهُ
في الأغلبِ
الأستاذ الشاعر : محمد جربوعة ـ الجزائر ـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق