أعلان الهيدر

للنشر في مدونة محكمة النقد يرجى إرسال المادة مرفقة بالصورة على العنوان الآتي :
lagrahocine@gmail.com
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط، و لا تعبر بالضرورة عن الموقع أو القائمين عليه ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك.

الأحد، 31 مايو 2015

الرئيسية ** بَيْتُ القصيد ** بقلم الأستاذ : عصام علوش ـ سورياـ

** بَيْتُ القصيد ** بقلم الأستاذ : عصام علوش ـ سورياـ



بَيْتُ القصيد
                                       بقلم الأستاذ : عصام علوش ـ سورياـ
     القصيدُ عند العرب هو ما بلغ في الشِّعر سبعة أبياتٍ فأكثر ، وبَيْتُ القصيد عند النُّقاد هو أنْفسُ أبيات القصيدة وأجودها في المبنى والمعنى، وهو أفضلها تعبيرًا عن الغاية التي يطمح الشَّاعر إليها، وأكثر الأبيات إبداعًا وإضاءةً وتنويرًا تصلُ التجربة الشِّعرية فيه إلى ذروتها ، وتتكثَّف فيه الأفكار والمشاعر والصور الخياليَّة، وتنسجم الحروف والألفاظ والعبارات والجُمَل معبِّرةً عن الموضوع الرَّئيس في القصيدة، وهو اللَّحظة التي يصل الشَّاعر فيها بالقارئ أو السَّامع إلى الانبهار، فهو بمثابة واسِطة العِقْدِ وفي مَوْقِع الشَّمس بين الكواكب، وكما تقول فلانٌ نسيجُ وَحْدِهِ، وهو فارس المَيْدان، ولا نظيرَ له، ولا مثيلَ له ، تقول هذا بيت القصيدة ، قال المتنبي :
ذُكِـرَ الأنـامُ لـنـا فـكـان قـصـيـدةً أنـت الـبـديعُ الـفـرْدُ في أبْـيـاتِها
وقال الشَّاعر تميم بن مقبل :
إذا مـــتّ عن ذِكْرِ القــــــــــوافي فلن ترى  *** لــــها تالـــيـًا مـِــــــــــــثْـلي أطــــــــــــــــــــــــــبَّ وأشْــعَـرا
وأكــثــــــــــــــــــــرَ بَـيْـــــــتـًا ماردًا ضــــــُرِبَـــــــــتْ لـه *** حُـــــــزونُ جـبالِ الشِّــــــــــــــــــــعْرِ حـــــــــتى تيسَّرا
 أغـرَّ غـريـبًا يـمسح النَّاسُ وجْهَـهُ *** كما تمسح الأيْدي الأغرَّ المُشقَّـرا                فالقصيد عند العرب ـ كما هو معروفٌ ـ يقوم على البيت المنفرد الذي لا يَحتاجُ إلى ما قبله ولا إلى ما بعده ، والعرب يستحسنون الحِكْمة الصَّائبة، والمَثَلَ السَّائر، والقوْلَ المأثور، والمعنى الشَّريف الطَّريف، فإذا ما أحسن الشَّاعر توظيفَ أحَد هذه الأمور باللفظ الجَزْلِ، والاستعارة الرَّائعة، والتشبيه الجميل، جاء ببيْتِ القصيد ، ولا عجَب بعد هذا إذا سمعتَهم يتداولون أغْزَلَ بيْتٍ، أو أهْجى بيْتٍ، أو أفخر بيْتٍ في قصيدة من القصائد أو عند شعراء العصر الواحد، بل بلغ الأمْرُ بهم أن فاخروا بنصفِ بيْتٍ أو برُبْعِ بيْتٍ من الشِّعر . سُئل حمَّاد الرَّاوية : " بأيِّ شيْءٍ فُضِّلَ النَّابغة ؟ فقال إنَّ النَّابغة إذا تمثَّلتَ ببيْتٍ من شِعْره اكتفيْتَ به، مثل قوله :
   حَـلـفْـتُ فـلم أتـرُكْ لـنـفسك ريـبـةً *** ولـيـس وراءَ اللهِ لـلـمَـــــرْءِ مَـذْهَـبُ
بل لو تمثَّلتَ بنِصْفِ بيْتٍ من شِعره اكتفيتَ به، وهو قوله " وليسَ وراءَ اللهِ للمَرْءِ مَذْهَبُ " بل لو تمثَّلتَ برُبْعِ بيْتٍ من شِعْره اكتفيْتَ به وهو قوله : " أيُّ الرِّجال المُهذَّبُ؟ " ومع ذلك فقد تختلف آراء النُّقَّاد في اختيار بيت القصيد فما يَروق لناقدٍ قد لا يَروق لناقدٍ آخر ، وما يُعجِبُ متذوِّقًا قد لا يُعجِبُ متذوِّقًا آخرَ، ومن هنا تعدَّدتِ الرِّوايات حول بيْتٍ واحدٍ أو أبيات ....في العصر الحديث بنى بعض الشُّعراء قصائدهم على وَمضاتٍ شِعْريَّة مكتفين بالبيْت الواحد أو البيتيْن أو المقطوعة القصيرة على أنَّ ذلك يُمثِّل ذروة التَّجرِبة الشِّعرية ، ثم تحوَّل قِسْمٌ منهم بذلك إلى المقطوعة النَّثرية وإلى أقلَّ من المقطوعة النَّثرية ....قلتُ لصديقي : هما سُؤالان لا ثالثَ لهما ، أوَّلُهُما: هل من مؤلَّفٍ جمع أبيات القصيد في الشِّعر العربي ؟ وثانيهما : هل تُعَدُّ قصيدة الوَمْضةِ في الشِّعر الحديث بيتًا للقصيد ؟ فقال : أمَّا الجواب على سؤالك الأوَّل فهناك مؤلَّفٌ من مؤلَّفات القرْن الثَّامن الهِجْريِّ لمحمد بن سيف الدين أيدمر المستعصمي بعنوان : " الدٌّرُّ الفريد وبيْت القصيد " جمع فيه عشرين ألف بيْتٍ تُمثِّل في ذائقته بَيْت القصيد ، وأمَّا جواب سؤالك الثاني فالوَمْضة لوْنٌ حديثٌ يقوم على التَّلميح والإيحاءِ والتَّكثيفِ لا مَجال لاخْتيار النُّقَّاد فيه، فلا شبَهَ فيه من هذه الناحية ببيْتِ القصيد....هززتُ رأسي على أنَّني فهمتُ ولستُ أدري ـ والله ـ إن كنتُ فهِمْت .
بقلم الأستاذ : عصام علوش ـ سوريا ـ
يتم التشغيل بواسطة Blogger.