أعلان الهيدر

للنشر في مدونة محكمة النقد يرجى إرسال المادة مرفقة بالصورة على العنوان الآتي :
lagrahocine@gmail.com
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط، و لا تعبر بالضرورة عن الموقع أو القائمين عليه ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك.

الجمعة، 7 أبريل 2023

الرئيسية تواضع وخفض سقف توقعاتك // الدكتور: نذير طيار/ الجزائر

تواضع وخفض سقف توقعاتك // الدكتور: نذير طيار/ الجزائر

 

تواضع وخفض سقف توقعاتك

الدكتور: نذير طيار/ الجزائر

في رؤيتك لذاتك تواضع دائما وأبدا وحاذر من تضخم أناك، إلى حد أن ترى نفسك أعلم العلماء والمفكرين أو أشعر الشعراء والروائيين أو أقرب إلى الله من كل المقربين.

لأنك فعلا لست كذلك ولن تكون كذلك، فأنت الجاهل ما حييت، وأنت الباحث عن قصيدة أو رواية ترضيك فعلا ما بقيت تكتب شعرا أو رواية، وأنت العاجز عن بلوغ مرتبة الإنسان الكامل مهما اجتهدت وتعبدت، وأنت الفاقد للبحث الإحصائي الشامل القادر على الوصول لعقول العلماء وأفكارهم وخيالات الشعراء وإبداعاتهم وأسرار العباد وصلواتهم للخروج بحكم مقبول عقلا.

هذا هو طريق الرقي الفعلي التصاعدي في العلم والأدب والعلاقة مع الله.

وهذا منهج قويم لتخفيف سقف التوقعات المنتظرة من المجتمع، فلا تحس بظلم أو إهمال، يدفعك للتهجم على الجميع لأنهم لم يعرفوا قيمة جوهرك وندرة معدنك.

لا تنتظر تصفيقا جماهيريا من حشود تهتف باسمك عند كل منعطف وفي كل موقع، يقودها الحماس والعاطفة لا العقل والتدبير، وإن تخلفتْ أُصِبتَ بالإحباط وخيبة الأمل وأعلنتَ الهجرة من البلد والكفر بالشعب، مظلوميه قبل ظالميه.

وأنت تخوض غمار المعارضة السياسية، وتتبنى موقفا راديكاليا في عملية التغيير، وذلك حقك، تواضع في سقف توقعاتك كي لا يصيبك الإحباط مستقبلا. لا تنتظر أن تخرج الجماهير في مسيرات حاشدة مطالبة برفع الظلم عنك إن كنت ضحية له، تحرك بما تراه موافقا لقناعاتك محققا لأفكارك متماشيا مع تاريخك الحركي منسجما مع طاقاتك النفسية والروحية، مستعدا لتحمل مسؤولية قراراتك الحرة وحدك دون غيرك، برغم كل تضحياتك.

سيقف معك بعض من يشاركونك أفكارك طبعا، وبعض الأحرار الصادقين المتعالين على الاصطفافات التضامنية المرضية الحمقاء.

لكن الأغلبية لن تكون كما تصورت، ليس لأن الجماهير سيئة أو جبانة أو خائنة كما تعتقد، بل لأنك غير عارف بآليات حركة الجماهير ونهضتها، الخاضعة لمحطات مفصلية خاصة والمحكومة بسياقات اجتماعية وسياسية استثنائية، قلة من يجيدون استثمارها، هذه الجماهير التي أنهكتها ظروف المعيشة القاهرة وفساد السياسات الحاكمة.

لا تصادر حق غيرك في عدم الالتحاق بك، لأنهم قد يتفقون معك مبدئيا في الرفض لكن يختلفون معك في أسلوب التعبير عنه، فهم لا يرون جدوى من التصعيد اللفظي في غياب أثر موضوعي، بحكم تجاربهم وقراءتهم العميقة للواقع لقربهم منه وتاريخهم المر في التعامل معه.

وأنت تضحي بكل شيء لأجل قناعاتك السياسية، افتح باب الاحتمالات على مصراعيه، وارفع سقف التوقعات إلى أقصاه، واجعل أسوأ الممكنات أقرب إلى عقلك ونفسك من غيرها ثم توكل على الله فهو حسبك.

 

يتم التشغيل بواسطة Blogger.