سهام الليل لا تخطئ بقلم
محمد بتش "مسعود"
الجزائر
كان ساجدا بذلـّة و رجاء، دموعه الحارّة تغسل عينيه ولحيته.الليل البهيم جاثم على جنبات القرية ، السّكون
يملأ الغرفة الفارغة.....يا إلهي .....ردّ ابني.
مرّ شهر منذ اختفائه ، كلّ
يوم ينتظر الليل ، ليسجد ، ليدعو ربه. عندما تبيّن الخيط الأبيض من الخيط
الأسود، صاح الديك,زاد صفير الرّيح. رنّ الهاتف الحزين، جاءت بعض البشائر عن رؤية
أحدهم للطـّفل المفقود...لكن ليس الأمر بأكيد.
عندما كان الأطفال
يلعبون، كان قلبه ينفطر...ليته كان معهم بقهقهته العاليـّة, بخفـّة ظلـّه، يحاول
كبت دموعه لكن ...هيهات له.
من على المنبر قال
الإمام...أدعوا ربّكم تضرّعا وخفية...أدعوا الله أن يعيد الطـّفل لأهله.
الغبار يملأ الأفق
الممتد,احتمى الجميع في بيوتهم، أوصدت الأبواب، خشعت الأصوات وتطايرت حبـّات الغبار
والأوراق الخضراء وبلغت القلوب الحناجر.دقائق معدودة ولاحت في الأفق زرقة
السماء، لقد عادت الحياة من جديد.
قال كبير القرية..لا
تحزن يا رجل...ثق بالله سيعود إبنك قريبا.جاء صبية صغار وقالوا ..يا عمّ متى
سيعود؟شوقنا له زاد.
أدعوا ربّكم...أدعوا
ربّكم ببراءتكم. لقد أحسَّ بفسحة فرح تجثم على صدره، لم يشعر بهذا منذ أكثر من شهر، يا
رب ...تفاءلَ خيرا هذه المرّة.
عندما انفلق الصبح
ولاحت أشعـّة الشمس، كانت الأمّ تعجن خبز الشعير بيدين متعبتين لفـّهما وهن شديد.
تعالى الصّراخ في
الخارج...صاح أحدهم... لقد عاد الولد... لقد عاد الولد. قالت الأم..عادت البسمة
وقهقهة الولد العاليـّة ستملأ القرية.
سهام اللـّيل لا تخطئ
أبدا يا ولدي.
كان الولد يداعب لحية
والده التي غسلتها دموع الفرح.أجل يا أمي...
لا تخطئ...لا تخطئ أبدا.ولفّ ذراعيه حول الولد وراح يقبـِّله دون توقـّف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق