تلقي المقول النقدي العربي القديم بين فعل النقل وغياب أسئلة العقل. مقاربة في نقد النقد - الدكتور حسين فيلالي - جامعة بشار- الجزائر
الدكتور حسين فيلالي
تلقي المقول النقدي العربي القديم
بين فعل النقل وغياب أسئلة العقل.
مقاربة في نقد النقد
الدكتور حسين فيلالي
جامعة بشار- الجزائر
نشرت بمجلة قراءات- العدد السادس- مجلة سنوية محكمة متخصصة-مخبر وحدة
التكوين والبحث في نظرية القراءة، ومناهجها- جامعة بسكرة- الجزائر2014
ملخص:
تدخل هده الدراسة في ما يعرف بنقد النقد، وتحاول أن تسلط الضوء على
مقولتين نقديتين مركزيتين في النقد العربي القديم. تتعلق إحداهما بتسمية
القصيدة، وببنيتها، والأخرى تتعلق بنشأة الشعر، والنثر وأيهما كان طاغيا
أكثر على الثقافة العربية الكلاسيكية. تتبع الدراسة المسار التاريخي
للمقولتين منذ ظهورها إلى أن وصلتا إلينا. تتبع حركتهما في كتب النقد
القديم، والحديث وفي المواقع الالكترونية، لترصد كيف تعامل النقاد القدماء،
والمحدثون مع المقولتين؟ وهل طرأت تغيرات على المقولتين سواء على مستوى
المبنى أو المعنى؟.وهل اكتفى النقاد العرب بالنقل فقط أم عمدوا إلى التحليل
وإعمال العقل؟
abstract
This study comes within the
framework of what is called the critique of criticism, and attempts to
shed light on two critical essays that are pivotal in old Arabic
criticism. One belongs to IbnRachik El Kayrawani, and is concerned with
the naming of the poem and its structure, while the other, written by Al
Fadl Al Rakachi, deals with the emergence of prose and poetry, and
which of these was prevalent in classical Arab culture.
It has been
necessary to follow the historical course of the two essays from their
first appearance, to the modern era. Yet following the two essays in old
and modern works of criticism, as well as in websites has made it clear
for us that modern critics have copied the views of the two authors
literatim from their predecessors, with no questioning, comparison,
discussion, discussion, or explanation.
After an attempt to compare
the two essays with some old critical views - we do not know why
critics, modern and ancient, failed to notice it- we have come to a
conclusion that agrees neither with the essays nor with other critics
who took from them, which led us to propose a re-reading of the
تمهيد :
من يعود إلى التراث العربي النقدي القديم يقف على ذلكم الكم الهائل من
المقولات النقدية التي خلفها لنا النقاد العرب القدماء. هذه المقولات
والآراء النقدية-حسب رأينا- لو جمعت، ونقحت، ودرست من قبل فريق متخصص،
لكانت كفيلة بتأسيس نظرية نقدية عربية أصيلة. (1(
وليس
غريبا أن نجد أغلب هذه المقولات النقدية متعلقة بالقصيدة العربية العمودية،
بدءا من تسميتها، ووصولا إلى نشأتها،وموضوعاتها، وبنيتها التكوينية
اللغوية، والإيقاعية، ذلك أن الشعر كان ديوان العرب بلا منازع.
وإذا
كان الباحث في النقد العربي القديم يندهش حين يرى بعض المقولات النقدية
القديمة تنقل،وتكرر معنى، ومبنى عبر العصور دون مناقشة، أو إعمال للعقل،
يعتمد فيها الخلف إلى اليوم -رغم تطور مناهج التحقيق والبحث-على النقل
الحرفي عن السلف،بل يحرص على ألا يخرج عن حدود ما رسمه له السلف، فإنه في
المقابل لا يعدم وجود دراسات نقدية جادة، وظفت قدرات العقل،
واستطاعت أن تثير العديد من الأسئلة،والنقاشات،وتفرز رؤى نقدية أصيلة،
أثرت النقد العربي في القديم، وما تزال تتجاوز إلى الآن حدود مكان
الولادة،والزمن الماضي،
نذكر منها على سبيل المثال: عناصر البنية التكوينية،والإيقاعية للقصيدة
الكلاسيكية( حركة،سكون،وتد،سبب،الفاصلة ، تفعيلة، قافية....).
وحتى
وإن اختلف مفهوم الشعر عندنا اليوم، ولم يعد قولنا: الشعر كلام مقصود،موزون
مقفى2، جامعا لآراء النقاد العرب ،ولا مانعا لاختلافاتهم،وذلك بسبب ظهور
ما يسمى بشعر التفعيلة في الثقافة العربية المعاصرة، فإن عناصر البنية
التكوينية للقصيدة الكلاسيكية ظلت تفرض نفسها على المنظرين، والشعراء
الحداثيين،والكلاسيكيين على حد السواء، وتسري في شعرهم- حتى وإن تنكر بعض
الحداثيين للقصيدة الكلاسيكية- إذ لا يمكن للحداثي اليوم أن يبني بيتا
شعريا واحدا دون الحركة، والسكون، والوتد المجموع، والوتد
المفروق،والسبب،والفاصلة، وهي من مخلفات بنية بيت الشعر (بتشديد الشين،
وفتحها)،والزمن الماضي.نقول هذا ونحن واعون بتأثير الزمن في الفكر، و في
الإنسان.
نحاول في هذه الورقة مناقشة مقولتين، نقديتين، قديمتين،
نتتبع، مسارهما، الزمني، بدأ من ظهورهما إلى أن وصلتا إلينا في العصر
الحديث، لنرى إن كان النقاد العرب حين تعاملوا مع المقولتين النقديتين، قد
وقفوا عند حدود النقل،واستنساخ آراء السلف،أم أنهم تجاوزا النقل إلى إعمال
العقل،ومناقشة المنقول، قصد إثرائه، لأن القراءة الواعية بأهمية إعمال
العقل،تجدد النص من خلال طرح أسئلتها الخاصة بزمنها، و تتجاوز زمن كتابة
النص المقروء .
الجاحظ(ت255هـــ)
نقرأ في البيان والتبيين:
(وقيل لعبد الصمد بن الفضل بن عيسى الرقاشي:لم تؤثر السجع على
المنثور،وتلزم نفسك القوافي وإقامة الوزن؟ قال: إن كلامي لو كنت لا آمل فيه
إلا سماع الشاهد لقل خلافي عليك،ولكني أريد الغائب
والحاضر،والراهن،والغابر،فالحفظ إليه أسرع،والآذان لسماعه أنشط،وهو أحق
بالتقييد وبقلة التقلب .و ما تكلمت به العرب من جيد المنثور أكثر مما تكلمت
به من جيد الموزون فلم يحفظ من المنثور عشره ولا ضاع من الموزون عشره). 3
وقد وجدنا ابن رشيق القيرواني يورد القول نفسه في كتابه العمدة، باب فضل الشعر، وينسبه إلى مجهول بعد أن يحذف الجزء الأول منه.
- ابن رشيق القيرواني (390هـــ-456هـــ):
نقرأ في كتاب العمدة:( وقيل:ما تكلمت به العرب من جيد المنثور أكثر مما
تكلمت به من جيد الموزون، فلم يحفظ من المنثور عشره، ولا ضاع من الموزون
عشره).4
- جودت فخر الدين:
ونقرأ في كتاب شكل القصيدة
العربية في النقد العربي حتى القرن الثامن الهجري لجودت فخر الدين:( وينقل
ابن رشيق ما أورده الجاحظ في البيان والتبيين من أن ما تكلمت به العرب من
جيد المنثور أكثر مما تكلمت به من جيد الموزون فلم يحفظ من المنثور عشره
ولا ضاع من الموزون عشره.)5
ونقرأ في المواقع الالكترونية:
موقع ستار تايمز:
(ويعتقد ابن رشيق محقا: إن ما تكلمت به العرب من جيد المنثور أكثر مما
تكلمت به من جيد الموزون، وهو يقصد بذلك تلك الحقبة الزمنية قبل الإسلام
وبدايات العهد الإسلامي تخصيصا).7
موقع إسلام بورت:
(وقيل: ما تكلمت به العرب من جيد المنثور أكثر مما تكلمت به من جيد الموزون؛ فلم يحفظ من المنثور عشره، ولا ضاع من الموزون عشره).8
موقع الكلمة:
(يعزو الجاحظ إلى الرقاشي القاص والخطيب والسجّاع قوله بغزارة النثر
العربي القديم استناداً لما أورده على لسانه من أنّ ما تكلمت به العرب من
جيد المنثور أكثر مما تكلمت به من جيد الموزون فلم يحفظ من المنثور عشره
ولا ضاع من الموزون عشره)9
موقع ويكيبيديا:
(ويعتقد ابن رشيق محقا:
إن ما تكلمت به العرب من جيد المنثور أكثر مما تكلمت به من جيد الموزون،
فلم يحفظ من المنثور عشره، ولا ضاع من الموزون عشره).10
جامعة أم القرى(الأدب الجاهلي):
( ويعتقد ابن رشيق محقا: إن ما تكلمت به العرب من جيد المنثور أكثر مما
تكلمت به من جيد الموزون، وهو يقصد بذلك تلك الحقبة الزمنية قبل الإسلام
وبدايات العهد الإسلامي تخصيصا). 11.
الأكاديمية الإسلامية المفتوحة:
(وقيل: ما تكلمت به العرب من جيد المنثور أكثر مما تكلمت به من جيد الموزون؛ فلم يحفظ من المنثور عشره، ولا ضاع من الموزون عشره).12
نلاحظ أن قول الفضل الرقاشي13 ينتقل عبر الزمن،و يتكرر مبنى،ومعنى في كتب
النقد العربي القديم، والحديث،وفي بعض المواقع الالكتروني،وفي الموسوعة
الحرة(ويكيبيديا )،وما يزال يدرس في جامعاتنا بنفس الطريقة التي تكتفي
بالنقل، وتغيب العقل.
والغريب أننا لم نجد أحدا من النقاد- الذين
اطلعنا على دراساتهم- قد وقف عند قول الفضل الرقاشي،وناقشه، لا الجاحظ الذي
كان أول من أشار إليه في البيان والتبيين،و لا ابن رشيق الذي نقله عن
الجاحظ في كتاب العمدة،ولا النقاد المحدثين الذين نقلوه عن كتاب العمدة .
لقد وقف الجميع عند حد النقل الحرفي للمقول،حتى ليخيل للقارئ أن هذا
المقول جاء نتيجة دراسة،واستقراء لتاريخ الشعر ،والنثر العربيين.
والواقع أن هذا الحكم لم يأت نتيجة دراسة علمية، بل لم يكن في الأصل مقصودا
لذاته، وإنما جاء في معرض الإجابة عن سؤال وجه للشاعر الفضل الرقاشي: لم
تؤثر السجع على المنثور،وتلزم نفسك القوافي وإقامة الوزن؟
وتحجج الفضل
الرقاشي حين أجاب عن السؤال: بوجود خصائص فنية في الشعر، وهي غير متوفرة
في النثر.هذه الخصائص –حسب الرقاشي- تجعل الشعر أسرع إلى الحفظ، وإلى الحمل
في الصدور.ثم أتبع رأيه بقول مرسل:( و ما تكلمت به العرب من جيد المنثور
أكثر مما تكلمت به من جيد الموزون فلم يحفظ من المنثور عشره، ولا ضاع من
الموزون عشره).14
والغريب أن ابن رشيق اكتفى بالأخذ بالجزء الأخير من
قول الفضل الرقاشي، ونسبه إلى مجهول: ( وقيل:ما تكلمت به العرب من جيد
المنثور أكثر مما تكلمت به من جيد الموزون، فلم يحفظ من المنثور عشره، ولا
ضاع من الموزون عشره).15
وتتالت نقولات النقاد الحداثيين عن ابن رشيق حتى صارت هذه المقولة، وكأنها من البديهيات التي لا تحتاج إلى تحليل أو تعليل.
مناقشة قول الفضل الرقاشي:
يفترض أن يستند الفضل الرقاشي في هذا الحكم النقدي(عدم ضياع عشر الشعر
العربي القديم) إلى منهج علمي يشرح الظاهرة، ومنطق عقلي يقنع المتلقي.
هذا المنهج العلمي يبدأ بإتباع خطوات محددة:
- 1- إحصاء كل ما كتب، أو روي شفاهة من المنثور ،والشعر في العصور القديمة.
- 2- ينتقل بعد ذلك إلى عملية فرز الجيد من الشعر، ومن النثر.
- 3- الموازنة في الأخير بين كمية نسبة جيد المنثور وجيد الشعر.
والسؤال الذي نطرحه:
هل كان باستطاعة الفضل الرقاشي تحقيق مرحلة من هذه المراحل الثلاث؟
لا نعتقد ذلك في ظل وجود حلقتين مفقودتين:
-أ- بعد المسافة الزمنية بين ميلاد هذا الأدب شعرا، ونثرا، وميلاد الفضل الرقاشي.
- ب- غياب التدوين، واعتماد الثقافة العربية القديمة على الرواية الشفوية التي تسببت في ضياع الكثير من نثرنا، وشعرنا القديمين.
ونضيف إلى الحلقتين المفقودتين السابقتين حلقة ثالثة أخرى هامة، وهي:
-غياب السند المتواتر لرواية هذه المقول، إذ لم نجد راوية واحد من رواة الشعر، أو النقد
العربيين قد قال بهذا الرأي قبل الفضل الرقاشي الذي عاش في العصر العباسي في عهد هارون الرشيد.
ومن هنا يصبح هذا الخبر بتوصيف أهل الحديث، خبر آحاد.
وإذا استعرنا منهج أهل الحديث في التحقيق،فإنه يصعب علينا تقبل رأي الفضل
الرقاشي الذي لا يدعمه لا النقل ولا يقبله العقل من جهة، ومن جهة أخرى
فالرجل مجروح في شهادته، إذ تكاد تجمع الروايات على أنه frown رمز تعبيري....كان مع تقدمه في الشعر ماجناً، خليعاً، متهاوناً بمروءته، ودينه.....(16
ووصيته لأصحابه مشهورة،متواترة في الكتب القديمة، والحديثة،وقد ذكرها ابن
المعتز (ت:296هــ)في طبقات الشعراء:(حدَّثني أبو مالك قال: قال الفضل بن
الربيع للفضل بن عبد الصمد الرقاشي ويلك يا رقاشي أردت بوصيتك الخلاف على
الصالحين. فقال له: جعلت فداك. لو علمت أني أعافى من علتي وأعيش ما أوصيت،
فإنها من الذخائر النفيسة التي تدخر للموت.ووصيته هذه أرجوزة مزدوجة، يأمر
فيها باللواط، وشرب الخمر، والقمار، والهراش بين الديكة والكلاب، وهو يزعم
- كما ترى - أنها تدخر لوقت الموت، مجوناً وخلاعة. وأولها:
أوصى الرقاشي إلى خلانه ... وصية المحمود في إخوانه.)17
ثم هل يعقل أن يصدق باحث مستقرئ لتاريخ الشعر العربي القديم قول
الفضل الرقاشي،ويؤمن بأن ما وصل إلينا من الشعر القديم يمثل تسعة أعشار ما
قالت العرب،وأن ما ضاع من ذلك الشعر العربي القديم لم يتعد عشره ؟
أليس من حق الباحث أن يتساءل :كيف اقتنع النقاد القدامى، والمحدثين بهذا
القول، وراحوا ينقلونه حتى بات يأخذ في كتبنا النقدية القديمة، والحديثة
طابع المسلمة النقدية،الجامعة لآراء النقاد المانعة لاختلافاتهم،رغم أن
لديهم من الأدلة النقلية في كتبهم ما يعارض قول الفضل الرقاشي ؟
كيف
يستقيم هذا القول، ونحن نقرأ قول الناقد أبو عمرو ابن العلا:(ما انتهى
إليكم مما قالته العرب إلا أقله، ولو جاءكم وافرا لجاءكم علم وشعر كثير).18
ونقرأ قول الناقد بن سلام الجمحي:(ومما يدل على ذهاب الشعر وسقوطه،قلة
ما بقي منه بأيدي الرواة المصححين لطرفة وعبيد،اللذين صح لهما قصائد بقدر
عشر. وإن لم يكن لهما غيرهن،فليس موضعهما حيث وضعا من الشهرة والتقدمة،وإن
كان ما يروى من الغثاء لهما،فليس يستحقان مكانهما على أفواه الرواة. ونرى
أن غيرهما قد سقط من كلامه كلام كثير،غير أن الذي نالهما من ذلك أكثر.
وكانا أقدم الفحول،فلعل ذلك لذاك فلما قل كلامهما،حمل عليهما حمل كثير).19
لا نعتقد أن رأي الرقاشي هذا قد يقنع دارس تاريخ الشعر العربي القديم ،
لأن ضياع الجزء الأوفر من الشعر العربي القديم لا ينكره باحث مبتدئ،فكيف
بالباحثين المتمرسين من أمثال ابن رشيق وغيره من المحدثين؟
ولو أن
الفضل الرقاشي اكتفى بالقول: ما تكلمت به العرب من المنثور أكثر مما تكلمت
به من الموزون، لما احتاج إلى تقديم الدليل، لأن الكلام العادي
المنثور(حديث الناس في مخاطباتهم) أكثر من الكلام الموزون المقفى(الشعر).
أما الجزء الثاني من قول:الفضل الرقاشي: ( فلم يحفظ من المنثور عشره،ولا ضاع من الموزون عشره)
فإننا نرى أن السياق الذي ورد فيه هذا الحكم يأخذ طابعا تبريريا للموقف
الأول للرقاشي لا غير،أي:سبب تفضيله التعبير بالشعر على النثر.
هذا
الحكم النقدي الكمي الغريب(حساب العشر الضائع من الشعر القديم)، لا يتحقق
إلا بتحقق العناصر السابقة التي ناقشناها في الجزء الأول من القول: الجمع،
الفرز، ثم حساب نسبة كمية الجيد من الشعر والنثر.
والسؤال الذي نطرحه:
كيف استطاع الفضل الرقاشي حساب العشر: (لم يحفظ من النثر عشره،ولا ضاع من
الموزون عشره) وهو يجهل المجموعة الكلية للشعر والنثر.؟
الموازنة بين رأي الفضل الرقاشي،ورأي عمرو ابن العلا:
يتوفر لدينا من لأدلة النقلية في كتاب طبقات فحول الشعراء ما يعارض قول الفضل الرقاشي وهو قول عمرو ابن العلا.
عمرو ابن العلا(154هـ):
يقول أبو عمرو ابن العلا:(ما انتهى إليكم مما قالته العرب إلا أقله، ولو جاءكم وافرا لجاءكم علم وشعر كثير).20
هذا الحكم لم يأت اعتباطا، ولا من إنسان مجروح في شهادته،وإنما جاء من
ناقد، صنفه ناصر الدين الأسد ضمن علماء الشعر الجاهلي:(وسنبدأ بذكر عالمين
من علماء الشعر الجاهلي متعاصرين، هما:أبو عمرو ابن العلا(المتوفى
سنة154هــــ)،وحماد الراوية(المتوفى سنة 156هـــ)....أما أبو عمرو ابن
العلا فقد بلغت عنايته بالشعر الجاهلي مبلغا كبيرا حتى قال الأصمعي:جلست
إلى أبي عمرو ابن العلا عشر حجج ما سمعته يحتج ببيت إسلامي....وقد كانت
عناية أبي عمرو بالكتابة والتدوين لا تقل عن عنايته بالحفظ والرواية..)21
وقال عنه أبو عبيدة:( كان أبو عمرو أعلم الناس بالغريب
والعربية،وبالقرآن، والشعر،و بأيام العرب ،وأيام الناس، وكانت داره خلف دار
جعفر بن سليمان .وكانت كتبه التي كتب عن العرب الفصحاء قد ملأت بيتا له
إلى قريب من السقف ثم إنه تقرأ فأحرقها كلها فلما رجع بعد إلى علمه الأول
لم يكن عنده إلا ما حفظه بقلبه .وكانت عامة أخباره عن أعراب قد أدركوا
الجاهلية.).22
ومن خلال الموازنة بين رأي الفضل الرقاشي، ورأي عمر ابن العلا يتضح أن:
- الفضل الرقاشي يرى أن الشعر لم يضع منه عشره.
وبعملية حسابية بسيطة، نستنتج من قول الفضل الرقاشي :أن ما وصل إلينا من
الشعر العربي القديم،أوفره، أي: تسعة أعشار ما قالت العرب من الشعر.
وهذا رأي شاذ لا يعضده نقل، ولا يقبله عقل.
- بينما يرى أبو عمرو بن العلا: أن ما وصل إلينا من الشعر، وغيره مما قالت العرب إلا أقله.
هذان الرأيان نجدهما ينقلان بالتواتر في كتب النقد القديمة،
والحديثة، ويدرسان في جامعاتنا دون أن يثيرا أدنى تساؤل لدى الدارس
العربي، رغم أن التعارض بينهما بين،و قائم لا ينتفي إلا إذا سلمنا بأن
مقدار القلة عند عمرو بن العلا (أقله)،يساوي مقدار الكثرة ،والوفرة عند
الفضل الرقاشي (تسعة أعشار )،بمعنى آخر يصبح لفظ أقله مرادفا للفظ أوفره،
وهذا عين الخطأ.
أما المقولة النقدية الثانية التي ارتأينا أن نناقشها في هذه الدراسة فهي :
لأبي علي الحسن ابن رشيق(390هـ456هـ)::
نقرأ في كتاب العمدة:(وليس بممتنع أيضا أن يسمى ما كثرت بيوته من مشطور
الرجز،ومنهوكه قصيدة،لأن اشتقاق القصيد من "قصدت إلى الشيء"،كأن الشاعر قصد
غلى عمله على تلك الهيئة،والرجز مقصود أيضا إلى عمله كذلك.)23
يوسف حسين بكار:
و ينقل يوسف حسين بكار المقولة نقلا حرفيا في كتابه بناء القصيدة في النقد
العربي القديم في ضوء النقد الحديث:( (وليس يمتنع أيضا أن يسمى ما كثرت
بيوته من مشطور الرجز،ومنهوكه قصيدة).24
جودت فحر الدين:
ونقرأ في
كتاب شكل القصيدة العربية في النقد العربي حتى القرن الثامن الهجري:(وليس
بممتنع أيضا أن يسمى ما كثرت بيوته من مشطور الرجز،ومنهوكه قصيدة،لأن
اشتقاق القصيد من "قصدت إلى الشيء"،كأن الشاعر قصد غلى عمله على تلك
الهيئة،والرجز مقصود أيضا إلى عمله كذلك).25
هذه المقولة النقدية ما
تزال تنقل بالتواتر في كتب النقد العربي القديم، والحديث منذ عهد بن رشيق
وإلى يومنا هذا، يحرس الخلف على نقلها عن السلف، دون مناقشة ،أو تعليق، على
الرغم من أنها تتعلق ببنية القصيدة العربية ،وتسميتها،و التي سبق لنقاد
عرب أن خاضوا فيها قبل ابن رشيق بل كانت آراؤهم مخالفة لرأيه.
نحاول أن
نوازن في هذه الدراسة بين رأي ابن رشيق في مسألة بنية القصيدة العربية
القديمة، وتسميتها، وبين الآراء الأخرى التي سبقته، وخاضت في نفس الموضوع،
لعلنا نتوصل إلى ترجيح رأي يعضده دليل نقلي،وعقلي،لأن ( أغلب العلماء يرون
أن البحث في موضوع مع الجهل بما سبق و أن عرف عنه عائق أشد خطرا.وأكثر
الأخطاء الشائعة التي يتعرض لها العالم الناشئ المبتدى في البحث إيمانه بكل
ما يقرأ، وعدم تمييزه بين نتائج التجارب المدونة وتفسير صاحبها لها.)26
تنقسم مقولة ابن رشيق إلى قسمين، أحدهما متعلق بالتسمية، والآخر متعلق بتعليل التسمية.
- التسمية:
يقول بن رشيق(-390هـ456هـ):
(وليس بممتنع أيضا أن يسمى ما كثرت بيوته من مشطور الرجز ومنهوكه قصيد....).27
الخليل بن أحمد الفراهيدي(100هـ175هــ)
وجاء في معجم العين لأبي عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي وهو أقدم معجم عربي: (والقصيد:ما تم شطرا أبنيته من الشعر). 28
- الأخفش الأوسط(215هـــــ):
وقال الأخفش (القصيد من الشعر هو الطويل والبسيط التام والكامل التام
والمديد التام والوافر التام والرجز التام والخفيف التام وهو كا ما تغنى به
الركبان،قال ولم نسمعهم يتغنون بالخفيف،ومعنى قوله المديد التام والوافر
التام يريد أتم ما جاء منه في الاستعمال أعني الضربين الأولين منها....)29
- : أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (370هــ)
وفي تهذيب اللغة للأزهري:( والقصيد من الشعر ما تم شطرا بنيته، سمي بذلك لكماله وصحة وزنه ).30
أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا(395هــ):
يقول ابن فارس: (قصد) القاف والصاد والدال أصول ثلاثة، يدل على إتيان شيء وأمه، والآخر على اكتناز في الشيء.
فالأصل:قصدته قصدا ومقصدا.ومن الباب:أقصده السهم، إذا أصابه فقتل مكانه، وكأنه قيل ذلك لأنه لم يحد عنه.قال الأعشى:
فأقصدها سهمي وقد كان قبلها لأمثالها من نسوة الحي قانصا.
ومنه: أقصدته حية، إذا قتلته.والأصل الآخر:قصدت الشيء كسرته.والقصدة
القطعة من الشيء إذا تكسر،والجمع قصد.ومنه قصد الرماح.ورمح قصد ،وقد
انقصد.قال:
ترى قصد المران تلقى كأنها تذرع خرصان بأيدي الشواطب.
والأصل الثالث:الناقة القصيد: الناقة القصيد: المكتنزة الممتلئة لحما. قال الأعشى:
قطعت وصاحبي سرح كناز كركن الرعن ذعلبة قصيد
ولذلك سميت القصيدة من الشعر قصيدة لتقصيد أبياتها،ولا تكون أبياتها إلا تامة الأبنية.31
ما يلاحظ على هذه المعاجم العربية القديمة التي سبقت تأليف كتاب العمدة
أنها تتفق على اتصاف القصيدة بصفة التمام(...ما تم شطرا أبياته،أو شطرا
بنيته..)، وهذا يخالف رأي ابن رشيق القيروان لأن الشعر المشطور، والمنهوك
ناقص البناء.
ولم تشذ المعاجم التي جاءت بعد كتاب العمدة عن المعاجم
التي سبقتها، وإنما أكدت على أن القصيد من الشعر ما تم شطرا أبياته، أو
شطرا بنيته.
-ابن منظور((ت.711هــ):
أورد بن منظور في لسان العرب تعريف القصيد:(والقصيد من الشعر ما تم شطر32 أبياته)33
محمد مرتضى الحسيني الزبيدي(1205هــ)
جاء في معجم تاج العروس من جواهر القاموس: (والقصيد) من الشعر(: ما تم شطر
أبياته)34.وفي التهذيب:شطر أبنيته،سمي بدلك لكماله وصحة وزنه،وقال بن
جني:سمي قصيدا لأنه قصد واعتمد،وإن كان ما قصر منه واضطرب بناؤه نحو الرمل
والرجز شعرا مرادا مقصودا،وذلك أن ما تم من الشعر وتوفر آثر عندهم وأشد
تقدما في أنفسهم مما قصر واختل فسموا ما طال ووفر قصيدا أي مرادا
مقصودا،وإن كان الرمل والرجز أيضا مرادين مقصودين.)35
نلاحظ أن الزبيدي
حين نقل عن لسان العرب ما يتعلق بمفهوم القصيد، قد كرر نقل الخطأ الذي
وقع فيه ابن منظور حين أورد لفظ( شطر) بالمفرد وحقه التثنية (شطرا)،وزاد
على خطأ بن منظور خطأ ثانيا، حين نقل عنه تعريف معجم تهذيب اللغة للقصيد،
وأسقط ألف التثنية من لفظ( شطر) رغم أن ابن منظور في لسان العرب قد أثبت
ألف التثنية في تعريف التهذيب(وفي التهذيب شطرا بنيته).
وقد ضبط
الزبيدي ما نقله عن لسان العرب بالشكل،فرفع بالضم لفظ شطر في التعريف:
القصيد من الشعر ما تم شطر أبيات،وكذلك فعل مع تعريف الأزهري:والقصيد من
الشعر :ما تم شطر بنيته(رفعه بالضم وحقه الرفع بالألف)،و أورد لفظ بنية
بالجمع(أبنيته)،وحقه الإفراد بدل الجمع،هكذا وردت في معجم لسان العرب:(وفي
التهذيب شطرا بنيته).
وقد رجحت عندنا في الأخير آراء الخليل بن أحمد
الفراهيدي، والأزهري ،وابن فارس،وابن منظور،والزبيدي التي ذهبت إلى
أن(القصيد من الشعر ما تم شطرا أبياته ،أو شطرا بنيته).36
خلاصـــــــة(1):
تجمع المعاجم العربية القديمة التي سبقت ابن رشيق، والتي جاءت من بعده على
أن القصيد من الشعر ما تم شطرا أبياته أو شطرا بنيته، وهو خلاف ما ذهب
إليه ابن رشيق:(وليس بممتنع أيضا أن يسمى ما كثرت بيوته من مشطور
الرجز،ومنهوكه قصيدة.....).37
القسم الثاني من مقولة ابن رشيق يتعلق بتعليل التسمية:
يعلل ابن رشيق في القسم الثاني من مقولته النقدية سبب تسمية
القصيدة، ويرى أن(اشتقاق القصيد من ( قصدت إلى الشيء) كأن الشاعر قصد إلى
عملها على تلك الهيئة.)38
يبدو أن ابن رشيق كرر ما قاله ابن جني:(وقال
ابن جني، سمي قصيدا لأنه قصد واعتمد وإن كان ما قصر منه واضطرب بناؤه نحو
الرمل والرجز شعرا مرادا مقصودا...).39
تسمية القصيدة وافتراءات بعض المستشرقين:
و لا تكاد تخرج أغلب آراء النقاد المحدثين عن رأي ابن جني،وابن
رشيق، مما حذا ببعض المستشرقين إلى استغلال هذا الرأي(اشتقاق تسمية القصيدة
من قصدت إلى الشيء) للطعن في الشعر العربي، وهو ما أشار إليه حسين بكار
صراحة:(ربما استغل بعض الأجانب المفاهيم السابقة للقصيدة فتسللوا من خلالها
إلى الطعن على الشعر العربي عامة واتهام الشعراء بالمادية المحضة،وإساءة
فهم معنى القصيدة.يذهب لاندبرجLandberg إلى أن معنى قصيدة( شعر "الغرض
والقصد" ويغلو في تعليل ذلك فيقول"إن كل مساومة واتجار بالشعر القديم
والحديث،وكل جشع لا يعرف الشبع في الفطرة العربية،وجد التعبير عنه في لفظ
القصيدة".ويقترح جورج ياكوبGeorge Jacob تفسيرا لكلمة القصيدة فيرى آن
معناها التسول".إلا أن بروكلمان تصدى لهما تصديا يغني عن الرد عنهما. فقد
رد على الأول بقوله:(مما لا ريب فيه أن الغرض والقصد لم يكن في الزمن
القديم ولم يكن في الزمن المتأخر دائما هو كسب الجزاء المادي".ورد على
الأخر بقوله:" فإن ذلك – زعم يا كوب- لا يصح إلا في عصور الانحلال
والاضمحلال.وإذا صح أن لفظ القصيدة بعيد فمن الممكن أن يكون الغرض والقصد
بحسب الأصل غرضا من أغراض السحر،وكثيرا ما صار غرضا سياسيا في وقت متأخر،ثم
صار يستعمل بأوسع معاني الكلمة في جميع أغراض الحياة الاجتماعية).40
ونحن نخالف هؤلاء النقاد الرأي لسبب واحد:
- أنهم فسروا تسمية القصيدة استنادا إلى المنشئ لها (الشاعر)، وربطوها بقصديته.
و لو سلمنا بهذا الرأي لجاز لنا أن نسمي الخطبة، والقصة، والرواية،
والمسرحية، واللوحة الفنية قصيدة لأن مبدعيها أيضا قصدوا إلى عملها على تلك
الهيئة، فالفنون جميعها لا تخلو من قصديه المبدع.
و لا ندري لماذا سكت
النقاد القدماء، والمحدثون عن رأي ابن فارس الذي ذكره في معجم مقاييس
اللغة، مادة قصد-ونرجحه أن يكون أصل تسمية القصيدة الشعرية- حيث ذهب إلى أن
القاف والصاد والدال أصول ثلاثة......والأصل الثالث:الناقة القصيد: الناقة
القصيد: المكتنزة الممتلئة لحما. قال الأعشى:
قطعت وصاحبي سرح كناز كركن الرعن ذعلبة قصيد
ولذلك سميت القصيدة من الشعر قصيدة لتقصيد أبياتها،ولا تكون أبياتها إلا تامة الأبنية.41
خلاصـــة(2):
وإذا كانت العرب قد أخذت من الناقة الرجزاء ،والناقة السناد مصطلح بحر
الرجز، والمصطلح العروضي السناد، فليس يمتنع أن تأخذ تسمية القصيدة من
الناقة القصيد.
لذا، نرجح في الأخير أن يكون تعريف القصيدة لغة مشتق من الناقة القصيد، الناقة المكتنزة الممتلئة لحما.
أما التعريف الفني للقصيدة: فهي مجموعة من الأبيات الموزونة على بحر واحد،
تامة المبني (أي ليست بالمجزوءة ،ولا بالمنهوكة ولا بالمشطورة) 42وتامة
المعنى.
هذه الرؤية التي رجحنا فيها رأي الخليل بن أحمد الفراهيدي مؤسس
علم العروض في ما يتعلق ببنية القصيدة القديمة (والقصيد:ما تم شطرا أبنيته
من الشعر).43
ورجحنا من جهة أخرى، رأي ابن فارس في ما يتعلق بالتسمية
اللغوية:( والأصل الثالث:الناقة القصيد: الناقة القصيد: المكتنزة الممتلئة
لحما.....ولذلك سميت القصيدة من الشعر قصيدة لتقصيد أبياتها،ولا تكون
أبياتها إلا تامة الأبنية.)44 تساعدنا على مناقشة سؤال مركزي في المصطلح
الشعري العربي المعاصر: (قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر).
مصطلح قصيدة التفعيلة، وقصيدة النثر :
بين النقل وغياب أسئلة العقل :
نشير في البداية إلى أننا لسنا ضد شعر التفعيلة، وشعر النثر، ولكن ما
نعترض عليه في البحث الأكاديمي هو تغييب العقل - أثناء نقل المصطلح- من
ثقافة إلى أخرى إلى حد تسمية الأشياء بغير مسمياتها.لقد ألفينا النقاد
المعاصرين، و معهم الشعراء، يطلقون مصطلح: القصيدة على شعر التفعيلة، و شعر
النثر، ويتساوى في ذلك المؤيدون، والمعارضون لهذين اللونين من الشعر.
ولعل مرد خطأ هؤلاء في التسمية هو جهلهم بخلفية المصطلح الأنتروبولوجيا الثقافية.
مفارقة الدال للمدلول:
وإذا كان هذا المصطلح التراثي القديم(القصيد) له جذوره الضاربة في
عمق الثقافة العربية الكلاسيكية التي أنتجته، و التي تجعله يتسق مع
المصطلحات الشعرية القديمة الأخرى،ومع إيقاعات الحياة العربية في البادية.
فإن مصطلح قصيدة التفعيلة، وقصيدة شعر النثر إذا قرئا داخل الثقافة
العربية التي أنتجت مصطلح القصيد لتبين للباحث مفارقة الدال للمدلول في
شعرنا المعاصر(شعر التفعيلة،وشعر النثر)، ذلك أن مصطلح القصيد في ثقافتنا
القديمة قد أخذ التسمية من شكل البناء الشعري، والبيت الشعري العربي -على
عكس أشعار الأمم الأخرى التي استوردنا منها شعر التفعيلة، وشعر النثر-يأخذ
صورته البنائية من بيت الشعر بتشديد الشين وفتحها،فالعرب:(لما فصدوا أن
يجعلوا هيئات ترتيب الأقاويل الشعرية، ونظام أوزانها متنزلة في إدراك السمع
منزلة وضع البيوت وترتيباتها في إدراك البصر تأملوا البيوت فوجدوا لها
كسورا وأركانا وأقطارا وأعمدة وأسبابا وأوتادا ،فجعلوا الأجزاء التي تقوم
منها أبنية البيوت مقام الكسور لبيوت الشعر.وجعلوا اطراد الحركات فيها الذي
يوجد للكلام به استواء واعتدال بمنزلة أقطار البيوت التي تمتد في استواء.
وجعلوا ملتقى كل قطرين وذلك حيث يفصل بين بعضها بالسواكن ركنا لأن الساكن،
لما كان يحجز بين استواء القطرين صار بمنزلة الركن الذي يعدل بأحد القطرين
اللذين هما ملتقاهما عن مساواة الآخر ومسامتته،ولأن الساكن له حدة في
السمع كما للركن في رأي العين. وجعلوا الوضع الذي يبنى عليه منتهى شطر
البيت وينقسم البيت عنده بنصفين بمنزلة عمود البيت الموضوع وسطه..)45
وعلى هذا نرى أن على أنصار شعر التفعيلة، وشعر النثر، أن يبحثوا عن اسم
دقيق آخر لما يسمى بقصيدة التفعيلة، وقصيدة النثر لأن تسميتهم هذه تبقى
متعارضة مع أصل التسمية المعروف في المعاجم العربية القديمة( القصيد من
الشعر ما تم شطرا أبياته).
وقد أحس الناقد عبد الله الفيفي بالخلل
الموجود بين تسمية قصيدة النثر، وبين مدلولها حين ناقش قصيدة النثر
،وطرح سؤال: ما القصيدة؟ 46
ذهب عبد الله بن أحمد الفيفي إلى أن (
"القصيدة" لم تسمّ بهذا الاسم في اللغة العربيّة- ولغير العربيّة ما لها-
إلاّ لأن النصّ "مقصّد"، أي منغّم، منظّم، مرتّل في وحدات موسيقيّة، وفي
وزن مستقيم، أو ما أطلق عليه الخليلُ: بحر. )47
ونحن نرى أن ما قام به
عبد الله الفيفي لا يعدو كونه وصف ما أصطلح على تسميته عند العرب بالشعر، و
ذكر خصائصه المميزة له عن الأجناس الأدبية الأخرى، وإنه بهذا لم يسم
القصيدة بل هو في هذا نراه لم يبتعد كثيرا عن تعريف القدامى للشعر على أنه
كلام موزون مقفى.
وما نلاحظه على عبد الله الفيفي هو عودته إلى لسان
العرب والاكتفاء بنقل كل ما ذكره صاحب اللسان في مادة :(ق ص د)
واشتقاقاتها:(ذلك لأن من معاني "القَصْد: استقامة الطريق... وطريقٌ قاصد:
سهلٌ مستقيم... والقَصْدُ: العَدْل... وهو الوسط بين الطرفين... والقَصْدُ:
الاعتمادُ، والأَمُّ... [روي أن الرسولَ، عليه السلام] كان أَبيضَ
مَلِيحًا مُقَصَّدًا؛ [وقيل: معنى المقصَّد] أَنه كان رَبْعة بين الرجلين،
وكلُّ بَيْن مستوٍ غيرِ مُشْرفٍ ولا ناقِص فهو قَصْد... وقال الليث:
المقصَّد من الرجال الذي ليس بجسيم ولا قصير، وقد يُستعمل هذا النعت في غير
الرجال أَيضًا...).48
ونتساءل:ما الفائدة التي أضافها هذا المقطع إلى موضوع الباحث: ما القصيدة ؟ هل أثبت حقيقة ما، أو ساهم في نفيها؟
إن معاني الكلمات في القواميس تبقى فضفاضة لا يقيدها إلا السياق الذي ترد
فيه، وعلى الباحث الأكاديمي أن يراعي هذه الخاصية، وينتقي من المعاجم ما له
صلة بموضوع ببحثه.
ولأن الناقد عبد الله الفيفي حذا حذوا
سابقيه من النقاد الذين اقتصروا على النقل عن معجم لسان العرب، ولم يرجع
إلى المعاجم التي سبقت لسان العرب، وقع في ما وقعوا فيه من أخطاء، حين نقل
عن معجم اللسان تعريف القصيد:( والقَصِيدُ من الشِّعْر: ما تمَّ شطر
أَبياته......) إذ لم ينتبه إلى ألف التثنية الساقطة من لفظ(شطرا) في لسان
العرب، وهذا خلاف ما جاء في المعاجم التي سبقت لسان العرب: معجم العين،
ومعجم التهذيب، ومعجم مقاييس اللغة.
ونشير هنا إلى أن ما نقل عن لسان
العرب قد يكون من تصحيف الناسخ الأول الذي أسقط ألف التثنية في لفظ( شطرا )
أبياته ثم تواتر نقل هذا الخطأ إلى يومنا.
ويتابع عبد الله الفيفي نقل
كلام مكرور في المعاجم العربية، والكتب النقدية دون أن يناقشه،أو يوظفه في
سياقه لتحديد التسمية: ( سُمّي بذلك لكماله وصحّة وزنه. وقال ابن جني:
سُمّي قصيدًا لأَنه قُصِدَ، واعتُمِدَ، وإِن كان ما قَصُر منه واضطرب
بناؤُه، نحو الرَّمَل والرَّجَز، شِعرًا مرادًا مقصودًا، وذلك أَن ما تمَّ
من الشِّعْر وتوفّر آثَرُ عندهم، وأَشَدُّ تقدّمًا في أَنفسهم، ممّا قَصُر
واختلَّ، فسَمَّوا ما طال ووَفَرَ قَصِيدًا، أَي مُرادًا مقصودًا، وإِن كان
الرَّمَل والرَّجَز أَيضًا مرادَين مقصودَين. والجمع قصائد، وربما قالوا:
قَصِيدة [كذا! والصواب: قَصِيْد.]... وقيل: سُمِّي قَصِيْدًا لأَن قائله
احتفل له، فنقّحه باللفظ الجيِّد والمعنى المختار، وأَصله من القَصِيْد،
وهو المُخُّ السمين، الذي يَتَقَصَّد، أَي يتكسّر لِسِمَنِه، وضِدّه:
الرِّيرُ، والرَّارُ، وهو المُخُّ السائل الذائب، الذي يَمِيعُ كالماء ولا
يتَقَصَّد، والعرب تستعير السَّمينَ في الكلام الفصيح، فتقول: هذا كلامٌ
سمين، أي جيّد. وقالوا: شِعرٌ قُصِّدَ، إذا نُقِّحَ وجُوِّدَ وهُذِّبَ.
وقيل: سُمّي الشِّعْرُ التامُّ قصيدًا لأَن قائله جعله من باله، فَقَصَدَ
له قَصْدًا، ولم يَحْتَسِه حَسْيًا على ما خطر بباله وجرى على لسانه، بل
رَوَّى فيه خاطره، واجتهد في تجويده، ولم يقتَضِبْه اقتضابًا، فهو فعيل من
القَصْد، وهو الأَمُّ... ابن بُزُرج: أَقصَدَ الشاعرُ، وأَرْملَ،
وأَهْزَجَ، وأَرْجَزَ، من القصيد، والرَّمَل، والهَزَج، والرَّجَزِ... وقال
أَبو الحسن الأَخفش: وممّا لا يكاد يوجد في الشِّعر البيتان المُوطَآن ليس
بينهما بيت، والبيتان المُوطَآن [كذا!]، وليست القصيدة إِلا ثلاثة أَبيات.
فجعل القصيدة ما كان على ثلاثة أَبيات. قال ابن جنّي: وفي هذا القول من
الأَخفش جواز، وذلك لتسميته ما كان على ثلاثة أَبيات قصيدة. قال: والذي في
العادة أَن يُسمّى ما كان على ثلاثة أَبيات أَو عشرة أَو خمسة عشر: قطعة،
فأَمّا ما زاد على ذلك فإِنما تسمّيه العرب قصيدة. وقال الأَخفش: القصيد
من الشِّعر هو: الطويل، والبسيط التامّ، والكامل التامّ، والمديد التامّ،
والوافر التامّ، والرجز التامّ، والخفيف التامّ، وهو كلّ ما تغنّى به
الركبان. قال: ولم نسمعهم يتغنّون بالخفيف؛ ومعنى قوله المديد التامُّ
والوافر التامّ يريد أَتمّ ما جاء منها في الاستعمال، أَعني الضربين
الأَوّلين منها، فأَما أَن يجيئا على أَصل وضعهما في دائرتيهما فذلك مرفوض
مُطَّرَحٌ."(1) قلتُ: وواضح أن معنى قوله "التامّ" هاهنا ما يقابل
"المجزوء" من كلّ بحر، كأنما المجزوء لا يُعَدّ قصيدًا.)49
ويخلص عبد
الله الفيفي بعد أن ينقل لنا كل ما جاء في لسان العرب لمعنى قصد إلى
القول:( على هذا فإن ما ليس فيه من الكلام وحدات نغميّة تتقصّد فليس
بقصيدٍ البتّة). 50
والسؤال الذي نطرحه هنا هل أجاب عبد الله الفيفي عن السؤال الذي طرحه في بداية بحثه: ما القصيدة؟
لا نعتقد ذلك لأن طبيعة السؤال تفترض تحديد التسمية قبل محاولة نفي صفات، وخصائص الشعر عما أصطلح على تسميتها خطأ بقصيدة النثر.
وكان بإمكان عبد الله الفيفي رد تسمية قصيدة النثر على أصحابها لو استغل
ما ورد في المعاجم العربية القديمة، والتي تجمع على أن القصيد من الشعر:
ما تم شطرا أبياته، أو شطرا بنيته.فالتسمية ليست مرتبطة أساسا بالخصائص
الفنية وإنما هي مرتبطة ببنية شكل القصيدة التي تعتمد على الشطرين
المتساويين التامين،وهذا غير متوفر في ما أصطلح على تسميته -خطأ - بقصيدة
النثر، والتفعيلة .
خلاصـــــــة(3):
تنفرد الثقافة الشعرية
العربية القديمة - دون غيرها من ثقافات الأمم الأخرى -بمصطلح القصيد، ذلك
أن المصطلح يرتبط بنائيا ببيت الشعر بتشديد الشين، وفتحها، الذي يتطابق
شكله،ومصطلحات مواد بنائه المادية مع شكل ومصطلحات مواد بناء بيت الشعر
بتشديد الشين وكسرها، بدءا بالحركة، والسكون، والوتد، والفاصلة، والعمود،
والصدر والعجز، والشطرين المتساويين.
الهـــــــــــــــــوامش:
1- يلاحظ الباحث في العلوم الإنسانية أن أغلب النظريات والآراء الغربية
الجادة كانت نتيجة جهد ،و عمل جماعي(الشكلانيون الروس- حلقة براغ
اللغوية-مدرسة باريس السيميائية- جماعة مو البلاغية البلجيكية..)، وهو ما
نفتقر إليه- للأسف- في الوطن العربي والإسلامي.
2- أضفنا إلى التعريف
الشائع للشعر: الشعر كلام موزون مقفى، كلمة مقصود،لأن الفنون جميعها لا
تخلو من قصديه، ولأن هذا التعريف سيحل بعض الإشكالات، المتعلقة بالكلام
العربي الذي جاء موزونا على لسان بعض الناس، ولم يكن قائله بالشاعر و لا
قصد من كلامه قول الشعر. والقضية قديمة، ومعروفة خاض فيها النقاد العرب،
خاصة ممن دافعوا عن القرآن الكريم، ونفوا عنه صفة الشعر. وقد فصلنا القول
في بحث بعنوان: المصطلح الشعري القديم، من البنية المادية إلى البنية
الشعرية.دراسة في الأصول وهو مجاز للنشر في المجلة العربية للعلوم
الإنسانية- جامعة الكويت- تحت رقم 591 بتاريخ 2/5/2013
3- أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، البيان والتبيين،المجلد1-ط2- تحقيق عبد السلام هارون، القاهرة،2003-ص:196
4- أبو علي الحسن ابن رشيق القيرواني- العمدة في محاسن الشعر وآدابه-ط1-تحقيق محمد قرقزان-دار المعرفة بيروت-لبنان- 1988-ص:74
5 - جودت فخر الدين-القصيدة العربية في النقد العربي حتى القرن الثامن الهجري- دار الآداب- بيروت –ط1/1984-ص:23/24
6- ارتأينا تتبع المقولتين في بعض المواقع الالكترونية، لأننا لا حظنا
اعتماد طلبتنا على المواقع الالكترونية بنسبة كبيرة أثناء إعداد بحوثهم
-حتى في حالة توفر المراجع الورقية المحققة- لأن الكثير منهم-وللأسف-
يعتقد أن كل ما ينشر في المواقع الالكترونية له مصداقية علمية.
7- www.startimes.com/?t=29697707
8-- islamport.com/w/adb/Web/637/1.htm8-
9 - www.alkalema.net/adab/adab4.htm
10 – ar. wikipedia.org/wiki/أدب_جاهلي
11- uqu.edu.sa/page/ar/193938
12- http://islamacademy.net/media.php?Item_Id=3338&parentid=460
13 هو الشاعر العباسي:الفضل بن عبد الصمد الرقاشي مولى
رقاش(ت:حوالي 200هـــــــــ) وهو من ربيعة....وذكر إبراهيم بن تميم ،عن
العلي بن حميد:أن الرقاشي كان من العجم من آهل الري- أبو فرج
الأصفهاني-الأغاني-ج13-ص:3094-www.al-mostafa.com
14 - أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، المرجع السابق،ص:196
15- أبو علي الحسن ابن رشيق القيرواني- المرجع السابق-ص:74
16- أبو فرج الأصفهاني- كتاب الأغاني-ج13- ص:3095www.al-mostafa.com-
17- عبد الله بن محمد ابن المعتز العباسي- طبقات الشعراء-ج1-تحقيق عبد الستار أحمد فراج- ط/3دار المعارف القاهرة.ص:226/227
18- عبد الله بن محمد ابن المعتز العباسي- المرجع السابق -ص:226/227
19- أبو عبد الله محمد بن سلام الجمحي- طبقات فحول الشعراء- ص:8www.al-mostafa.com-
20- أبو عبد الله محمد بن سلام الجمحي – المرجع نفسه –ص:8
21- ناصر الدين الأسد-مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية-دار الجيل بيروت-ط8-1996ص:155،156
22- أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ- المرجع السابق،ص:217
23- أبو علي الحسن بن رشيق القيرواني- المرجع السابق-ص:340
24- يوسف حسين بكار- بناء القصيدة في النقد العربي القديم-في ضوء النقد
الحديث-دار الأندلس للطباعة والنشر والتوزيع-ط2-1982-هامش ص:26
25- جودت فخر الدين- المرجع السابق-ص:24
26- و.ا.ب.بقردج- فن البحث العلمي- ترجمة زكريا فهمي-مراجعة احمد مصطفى-دار اقرأ- بيروت لبنان ط4-1983 –ص:17
27- أبو علي الحسن بن رشيق القيرواني- المرجع السابق ص:340
28- أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي-كتاب العين-باب القاف- دار إحياء التراث العربي- بيروت لبنان- ط1/2001-ص:792
29- ابن منظور– معجم لسان العرب- المجلد11- باب القاف- دار صبح ،ودار إديسوفت –ط1/2006،ص162
30- ابن منظور-المصدر نفسه،ص:162
31- أبو الحسن أحمد بن فارس بن زكريا- معجم مقاييس اللغة-المجلد5،باب
القاف والصاد وما يمثلهما-تحقيق عبد السلام هارون،دار الجيل بيروت-ص:95/96
32- أشرنا في دراسة سابقة لنا بعنوان : المصطلح الشعري القديم – من البنية
المادية إلى البنية الشعرية –دراسة في الأصول إلى وجود خطئ متوارث في معجم
لسان العرب وفي بعض المعاجم التي اعتمدت على لسان العرب والتي أسقطت ألف
التثنية في لفظ(شطرا)،والدراسة مجازة للنشر بتاريخ 2/5/ 2013في المجلة
العربية للعلوم الإنسانية –جامعة الكويت
33- ابن منظور-المصدر السابق-ص:162
34- محمد مرتضى الحسيني الزبيدي-تاج العروس من جواهر القاموس
المجلد1-تحقيق عبد الستار أحمد فراج- مطبعة حكومة الكويت-1965 ،ص:39،40:
35- ابن منظور – المصدر السابق-ص:527
36- أبو علي الحسن بن رشيق القيرواني- المرجع السابق -ص:340
37- أبو علي الحسن بن رشيق القيرواني- المرجع نفسه- ص:340
38- ابن منظور-المصدر السابق-ص:162
39- جودت فخر الدين- المرجع السابق-ص:23/24
40- أبو الحسن أحمد بن فارس بن زكريا- المصدر السابق-ص:95/96
41- لمجزوء: ما يحذف منه جزءان. المشطور: ما حذف نصفه. المنهوك: ماحذف ثلثاه.
42- أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي-المصدر-ص:792
43- أبو الحسن أحمد بن فارس بن زكريا- المصدر السابق-ص:95/96
44- القرطاجني ،أبو الحسن حازم : منهاج البلغاء وسراج الأدباء ، ضروب
التركيبات في أوزان الشعر العربي ،تحقيق محمد الحبيب ابن الخوجة ، ط3 ،
بيروت لبنان : دار الغرب الإسلامي، 1981ص 250-251
45- www.freearabi.com-ما القصيدة عبد الله الفيفي
46-- ما القصيدة؟- عبد الله الفيفي- الموقع الالكتروني نفسه.
47- - ما القصيدة؟- عبد الله الفيفي_ الموقع الالكتروني نفسه.
48- - ما القصيدة- عبد الله الفيفي- الموقع الالكتروني نفسه.
-49- ما القصيدة- عبد الله الفيفي- الموقع الالكتروني نفسه.
المصـــادر والمراجــــــع:
-المصادر:
- 1- الزبيدي، محمد مرتضى الحسيني -تاج العروس من جواهر القاموس
المجلد1-تحقيق عبد الستار أحمد فراج- مطبعة حكومة الكويت-1965 ،ص:39،40.
-2- الخليل بن أحمد الفراهيدي، أبو عبد الرحمن -كتاب العين-باب القاف- دار إحياء التراث العربي- بيروت لبنان- ط1/2001-ص:792
-3- ابن فارس بن زكريا أبي الحسين أحمد - معجم مقاييس اللغة-المجلد5،باب
القاف والصاد وما يمثلهما-تحقيق عبد السلام هارون،دار الجيل بيروت-ص:95/96
-4- ابن منظور، جمال الدين بن محمد بن مكرم– معجم لسان العرب- المجلد11- باب القاف- دار صبح ،ودار إيدسوفت –ط1/2006،ص162
المراجع
1- الجاحظ ،أبو عثمان عمرو بن بحر ، البيان والتبيين،المجلد1-ط2- تحقيق عبد السلام هارون، القاهرة،2003-ص:196
2- القرطاجني ،أبو الحسن حازم : منهاج البلغاء وسراج الأدباء ، ضروب
التركيبات في أوزان الشعر العربي ،تحقيق محمد الحبيب ابن الخوجة ، ط3 ،
بيروت لبنان : دار الغرب الإسلامي، 1981ص 250-251
3- الأسد ناصر الدين -مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية-دار الجيل بيروت-ط8-1996ص:155، 156
4- ابن رشيق القيرواني، أبو علي الحسن - العمدة في محاسن الشعر وآدابه-ط1-تحقيق محمد قرقزان-دار المعرفة بيروت-لبنان- 1988-ص:74
5- ابن المعتز العباسي عبد الله بن محمد - طبقات الشعراء-ج1-تحقيق عبد الستار أحمد فراج- ط/3دار المعارف القاهرة.ص:226/227-
6- بكار يوسف حسين - بناء القصيدة في النقد العربي القديم-في ضوء النقد
الحديث-دار الأندلس للطباعة والنشر والتوزيع-ط2-1982-هامش ص:26
7- - فخر الدين جودت -القصيدة العربية في النقد العربي حتى القرن الثامن الهجري- دار الآداب- بيروت –ط1/1984-ص:23/24
8- و.ا.ب.بقردج- فن البحث العلمي-ترجمة زكريا فهمي-مراجعة احمد مصطفى-دار اقرأ- بيروت لبنان ط4-1983 –ص:17
المواقع الالكترونية:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق