أعلان الهيدر

للنشر في مدونة محكمة النقد يرجى إرسال المادة مرفقة بالصورة على العنوان الآتي :
lagrahocine@gmail.com
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط، و لا تعبر بالضرورة عن الموقع أو القائمين عليه ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك.

الجمعة، 19 ديسمبر 2014

الرئيسية في مقابل التَّفاؤل عند إيليا أبي ماضي نجد التَّشاؤم عند الشَّاعر العباسيِّ عليّ بن العبَّاس بن جُريْج ، المعروف بـ ( ابن الرُّومي ) - الأستاذ : عصام علّوش -

في مقابل التَّفاؤل عند إيليا أبي ماضي نجد التَّشاؤم عند الشَّاعر العباسيِّ عليّ بن العبَّاس بن جُريْج ، المعروف بـ ( ابن الرُّومي ) - الأستاذ : عصام علّوش -

 

 الأستاذ : عصام علّوش

في مقابل التَّفاؤل عند إيليا أبي ماضي نجد التَّشاؤم عند الشَّاعر العباسيِّ عليّ بن العبَّاس بن جُريْج ، المعروف بـ ( ابن الرُّومي ) هذا الشَّاعر السَّاخر ، والهجَّاء السَّليط اللِّسان ، والوصَّاف المصوِّر البارع في التَّحليل النَّفسي ، وفي توليد المعاني وابتكارها ابتُلي بابتلاءاتٍ جعلته يميل إلى التَّطيُّر والتَّشاؤم والعزلة وتوقُّع المصائب قبل وقوعها ، والنَّظر بمنظار الرِّيبة والشَّكِّ والتوجُّس إلى الحياة والنَّاس ، وربَّما كان من أسباب ذلك وفاة زوجته وأولاده الثَّلاثة الصِّغار في حياته ، وغَصْبُ داره ، واحتراقُ بعض ممتلكاته فلم يُعرَف عنه أنَّه مدح خليفة غير الخليفة المتوكِّل على الرّغم من أنَّه عاصر ثمانية من الخلفاء العباسييِّن . رُوي أنه مات بِسُمٍّ دسَّه له أحد الوزراء المتنفذين خوفًا من سُخريته وهجائه ولسانه السَّليط الذي لم يدَّخِر فيه وصف وجهه بقوله :
شُغِفْتُ بالخَرَّدِ الحِسانِ وما يـَصْلحُ وجهي إلا لـذي وَرَعِ
كي يعبد الله في الفلاة ولا يَشهَدَ فيها مَشاهِدَ الجُمَعِ
وربَّما كان من أروع شعره على الإطلاق ـ على كثرة روائعه ـ رثاؤه لولده الأوسط محمد في قصيدته التي يقول في مطلعها مخاطبًا عينيْه :
بُكاؤكما يشفي وإن كان لا يـُجْدي   فـجُـودا فـقـد أوْدى نَظـيـرُكُما عِندي
ألا قـاتـَـل اللهُ الـمـنـــايـا ورمْـيــَـهـا من القَـوْم حَـبـَّاتِ القلوب على عَمْدِ
تَوخَّى حِمامُ المَوْت أوْسَط صِبْيتي   فـلـلَّـهِ كيـف اخـتـار واسِطـةَ الـعِـقْـدِ
طـواه الـرَّدى عـنِّي فأضحى مَزارُهُ   بـعـيـدًا على قُـرْبٍ قـريـبًا على بـُعْـدِ
لقـد أنجزَتْ فيه المنـايـا وَعِـيـدَهـا وأخْـلـفَـتِ الآمــالُ مـاكـان مـن وَعْــدِ
ألـحَّ عـلـيـه الـنَّــزْفُ حـتَّى أحـالـهُ إلى صُـفْرَة الجاديِّ عن حُـمرَة الـوَرْدِ
وظلَّ على الأيـْدي تَسَاقَـط ُنفْسُهُ ويَذوي كما يَذوي القضيـبُ من الــــرَّنْدِ
عجبـتُ لقلبي كيف لم يَنـْفـطِر له ولـو أنَّـه أقسى من الـحـجَــــرِ الـصَّلْـدِ
وأولادُنا مـِـثْـــلُ الــجـــوارح أيــَّهــا فـقـدناهُ كان الفاجـعَ الـبَـيِّـنَ الفَـقْـدِ
أعيـنيَّ جُودا لي فــــــقد جُدْتُ للثَّرى بـأنـْفـسَ مـمَّـا تُسْـألانِ من الـرِّفْــدِ
مُـحـمـَّدُ مـا شَيْءٌ تـُوُهـِّمَ سَــــــــلـوةً لـقـلـبيَ إلا زاد قـلـبـي من الـوَجْــدِ
أرى أخـويْـكَ البـاقـيـيـْنِ كِليـْهِـمـا يـكـونـان للأحـزان أورى مـن الـزَّنـْـدِ
إذا لـعـِبـا في مَـلـعـبٍ لـك لـذَّعـا فـؤادي بمِـثـْل النَّار عن غـيـْر ما قَصْدِ...

قلتُ لصديقي : أليس ابن الرومي هو القائل في الحكمة :
صـديـقُـكَ من عَدُوِّكَ مُستفادٌ فلا تَسْتَـكثِـرَنَّ من الصِّـحـــابِ
فـإنَّ الـــدَّاءَ أكــثـَـرُ مـا تـــراه يَحولُ من الطعام أو الشَّرابِ
إذا انـقلبَ الصَّديقُ غدا عَدُوًّا مُـبِـيـنًـا والأمـورُ إلى انْقـــلابِ

قال صديقي : بلى . وله في وصف شمس الغروب قصيدة ماتعة رائعة فاقرأها .
( لأنَّني أُشْغَل كثيرًا وقد أنسى ، فأرجوكم أن تُذكِّروني بقراءتها حتى لا أحْرَجَ مع صديقي لأنَّ من عادته أن يسألني عمَّا يطلبه منِّي ، ولكم جزيل الشكر ) .

يتم التشغيل بواسطة Blogger.