أعلان الهيدر

للنشر في مدونة محكمة النقد يرجى إرسال المادة مرفقة بالصورة على العنوان الآتي :
lagrahocine@gmail.com
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط، و لا تعبر بالضرورة عن الموقع أو القائمين عليه ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك.

الأحد، 2 نوفمبر 2014

الرئيسية قراءة في قصة " مدفع الإفطار " للأديب وليد الرشيد الحراكي .... بقلم / نــاديــة بــوغــرارة

قراءة في قصة " مدفع الإفطار " للأديب وليد الرشيد الحراكي .... بقلم / نــاديــة بــوغــرارة

 ‏قراءة في قصة " مدفع الإفطار "  للأديب وليد  الرشيد الحراكي
________________________________________________

بقلم /  نــاديــة بــوغــرارة 

نص القصة
-----------

كانَ كلَّما سمع صوتَ انفجارِ قذيفةِ مدفعٍ يتذكرُ لحظةَ الإفطار .. يتحركُ بفعلٍ لا إراديٍّ باتِّجاه طاولةٍ كان من المفترضِ أن تكون عامرةً كما جرتْ عليه العادةُ بأصنافَ شهيةٍ من الأطعمةِ والمشروبات ..
تغلَّب على شعوره بالعطش والجوع اللذين هيَّجتْهُما أصواتُ المدافع، واستحضرَ جميعَ تركيزِه فوق تلك الطاولةِ، وحاول بما حباهُ اللهُ من رغبةٍ في النَّجدةِ، وأخذ يبحثُ عن الرَّصاصةِ الغائرةِ في أحشاءِ هذا الصَّبي !!!!

القراءة
-------

قرأت قصصا كثيرة تحكي عن يوميات الثورة ، آلامها آمالها ، دموعها ، دمها ،،، 

لكنها برغم ما فيها من روعة ، لم تعلق بالذاكرة مثلما سكنتها قصة :

" مدفع الإفطار " 

يوحي العنوان بأننا أمام قصة عن رمضان ، و لا يحمل خصوصية ويتلقاه القارئ مباشرا لا يحتاج لإعمال فكر أو تأمل .

هل الأمر كذلك ؟؟

فلنقرأ لنكتشف ...

"كانَ كلَّما سمع صوتَ انفجارِ قذيفةِ مدفعٍ يتذكرُ لحظةَ الإفطار"

مشهد متكرر في الزمان ( كلما سمع ) يوحي بأننا في خضم الحدث ، كما يشير إلى أننا في زمن رمضان 

بذكر المدفع و الصيام ، لكن ، هل المدفع هنا يؤثث المشهد الرمضاني الإيماني المعتاد ؟

ربما نقول نعم لو لم يستخدم الكاتب كلمة " قذيفة " 

لأنها أوحت لنا أن المدفع قاتل ، آلة مجرمة يُحركها الظُلاّم .

وهذه البداية جعلت القارئ يشرع مبكرا في طرح الأسئلة : ترى من هو بطل القصة ؟؟

من ذاك الذي نسي أنه صائم و تذكر عند سماع طلقة المدفع ؟؟ 

ما الذي كان يشغله ؟؟

فتأتي الصدمة قوية تلغي تأويلات عدة لاحت في أفق مطلع القصة ، يقول الكاتب :

" يتحركُ بفعلٍ لا إراديٍّ باتِّجاه طاولةٍ كان من المفترضِ أن تكون عامرةً كما جرتْ عليه العادةُ 
بأصنافَ شهيةٍ من الأطعمةِ والمشروبات .."

فالطاولة إذن فارغة من طيبات الأكل ، هي ليست مائدة إفطار و كان من المفترض أن تكون ،لكنه حُرم مما ينعم به كثير من المسلمين ،

ومنهم للأسف من لا يشعر بمأساة الآخرين .

"يتحركُ بفعلٍ لا إراديٍّ باتِّجاه طاولةٍ "

لماذا كان الفعل لا إراديا ؟؟

لعل الكاتب يريدنا أن نعي و نفهم جيدا أننا أمام طفرة حياتية ، وحالة مختلفة ،ويوم خاص من أيام رمضان .

نظن أن البطل يتوجه إلى الطاولة ليتناول إفطاره كما يفعل كل الصائمين ، و كأننا نريد أن نبتعد عن مشهد مخيف 

نشعر أن النص سيكشفه لاحقا ، هروب لن نمكث فيه طويلا ...

في ظل أوضاع مختلفة تفقد بعض الأشياء طبيعتها ، وبعض التفاصيل خصوصيتها ،فالصائم هنا تحيط به أجواء حرب و عنف و هلع ،

وكثيرا ما تكون الدوافع لا إرادية ،وسط زخم من الفوضى والقلق والمهام .

" تغلَّب على شعوره بالعطش والجوع اللذين هيَّجتْهُما أصواتُ المدافع، "

لم يكن الأمر يتعلق بطلقة واحدة مسالمة ، بل بطلقات تأمر بها عنجهية الظلم ،

ويطلقها مركزة مضغوطة الجورالمتمكن والطغيان المسيطر .

أية موائد مهما بلغت زينتها تغري في مثل هذا الموقف ؟؟

فصوت المدافع يقبر الشعور بالجوع و العطش و يحيي الشعور بالواجب ،فتتغير معالم الطاولة ،

لتتحول من مائدة طعام لشيء آخر استأثر بكل تركيز البطل ،الطاولة هي هي لكن بساط لما لا يمت للطعام بصلة .

يقول الكاتب :

" واستحضرَ جميعَ تركيزِه فوق تلك الطاولةِ، "

مازات الحيرة تأخذ بنا ، و مازال الفكر يسرح بفهمنا ، 

إن لم تكن مائدة طعام الإفطار ، فما الذي يمكن وضعه عليها ؟؟

" وحاول بما حباهُ اللهُ من رغبةٍ في النَّجدةِ، وأخذ يبحثُ عن الرَّصاصةِ الغائرةِ في أحشاءِ هذا الصَّبي " 

هو ذا ،،، بطلنا طبيب ...

أخذ بنا القاص للحظات في جولة سريعة في ضمير البطل ، " رغبته في النجدة "

هي رسالة الأطباء و برّ بقسمهم المهني ، بل إن بطلنا يمثل أعلى حالات الإخلاص ، حيث يصرف النظر عن تلبية حاجاته ،

ويواصل صومه لينقذ حياة الآخرين ، ناكرا ذاته و حاجياته و حقوقه .

نعم ، إنه يحاول فقط ،والله تعالى هو المنجي وهو الحافظ ، وأيضا يحاول لأن الجرح غائر والإصابة بليغة ..

الضحية طفل !!!

إنهم يقتلون البراءة ، ويجرحون الزهور ، ويبيدون الجمال ،حتى في رمضان والناس صيام . 

كون الضحية من عالم الطفولة يزيد من فداحة الجرم ، ويرفع درجة السخط والاستنكار إلى أعلى النسب .

ويبقى السؤال في الأخير غصة تخنق فينا الأنفاس، ورجفة قلب يرتعش فرقا ، 

هل نجا ؟؟ هل أفلح الطبيب في إنقاذ الطفل المصاب ؟؟

متى ستتوقف قذائف المدافع الآثمة لتفسح الفضاء لطلقات الحرية ، وأصوات تكبيرات الصائمين فرحا بيوم عيدهم ،

عيد النصر ؟؟

لا ريب أن ما قرأناه يستحق أفضل وأعمق من قراءةِ متذوقة، كل ما قامت به هو تحويل مشاعرها 

و إحساسها بالقصة إلى كلمات ،فاقبلوا مني راجية الصفح عن أي سهو أو خطأ .

إن مضمون بعض القصص نراه متمثلا أمام العين ، بارز الفكرة قريب الشخوص ،

نعيش معه الأحداث لحظة لحظة ، ننسجم مع ماهيته وكينونته ، نتوحد مع جزيئات مشاهده كلها .

هي قصة شعرنا بثقل أحزانها ، وأتبعنا آخر كلمة فيها زفرة لم تزد جوفنا إلا التهابا .
______

نادية بوغرارة‏

قراءة في قصة " مدفع الإفطار " للأديب وليد الرشيد الحراكي
_____
___________________________________________

بقلم / نــاديــة بــوغــرارة

نص القصة
-----------

كانَ كلَّما سمع صوتَ انفجارِ قذيفةِ مدفعٍ يتذكرُ لحظةَ الإفطار .. يتحركُ بفعلٍ لا إراديٍّ باتِّجاه طاولةٍ كان من المفترضِ أن تكون عامرةً كما جرتْ عليه العادةُ بأصنافَ شهيةٍ من الأطعمةِ والمشروبات ..
تغلَّب على شعوره بالعطش والجوع اللذين هيَّجتْهُما أصواتُ المدافع، واستحضرَ جميعَ تركيزِه فوق تلك الطاولةِ، وحاول بما حباهُ اللهُ من رغبةٍ في النَّجدةِ، وأخذ يبحثُ عن الرَّصاصةِ الغائرةِ في أحشاءِ هذا الصَّبي !!!!

القراءة
-------

قرأت قصصا كثيرة تحكي عن يوميات الثورة ، آلامها آمالها ، دموعها ، دمها ،،،

لكنها برغم ما فيها من روعة ، لم تعلق بالذاكرة مثلما سكنتها قصة :

" مدفع الإفطار "

يوحي العنوان بأننا أمام قصة عن رمضان ، و لا يحمل خصوصية ويتلقاه القارئ مباشرا لا يحتاج لإعمال فكر أو تأمل .

هل الأمر كذلك ؟؟

فلنقرأ لنكتشف ...

"كانَ كلَّما سمع صوتَ انفجارِ قذيفةِ مدفعٍ يتذكرُ لحظةَ الإفطار"

مشهد متكرر في الزمان ( كلما سمع ) يوحي بأننا في خضم الحدث ، كما يشير إلى أننا في زمن رمضان

بذكر المدفع و الصيام ، لكن ، هل المدفع هنا يؤثث المشهد الرمضاني الإيماني المعتاد ؟

ربما نقول نعم لو لم يستخدم الكاتب كلمة " قذيفة " لأنها أوحت لنا أن المدفع قاتل ، آلة مجرمة يُحركها الظُلاّم .

وهذه البداية جعلت القارئ يشرع مبكرا في طرح الأسئلة : ترى من هو بطل القصة ؟؟

من ذاك الذي نسي أنه صائم و تذكر عند سماع طلقة المدفع ؟؟

ما الذي كان يشغله ؟؟

فتأتي الصدمة قوية تلغي تأويلات عدة لاحت في أفق مطلع القصة ، يقول الكاتب :

" يتحركُ بفعلٍ لا إراديٍّ باتِّجاه طاولةٍ كان من المفترضِ أن تكون عامرةً كما جرتْ عليه العادةُ
بأصنافَ شهيةٍ من الأطعمةِ والمشروبات .."

فالطاولة إذن فارغة من طيبات الأكل ، هي ليست مائدة إفطار و كان من المفترض أن تكون ،لكنه حُرم مما ينعم به كثير من المسلمين ،

ومنهم للأسف من لا يشعر بمأساة الآخرين .

"يتحركُ بفعلٍ لا إراديٍّ باتِّجاه طاولةٍ "

لماذا كان الفعل لا إراديا ؟؟

لعل الكاتب يريدنا أن نعي و نفهم جيدا أننا أمام طفرة حياتية ، وحالة مختلفة ،ويوم خاص من أيام رمضان .

نظن أن البطل يتوجه إلى الطاولة ليتناول إفطاره كما يفعل كل الصائمين ، و كأننا نريد أن نبتعد عن مشهد مخيف

نشعر أن النص سيكشفه لاحقا ، هروب لن نمكث فيه طويلا ...

في ظل أوضاع مختلفة تفقد بعض الأشياء طبيعتها ، وبعض التفاصيل خصوصيتها ،فالصائم هنا تحيط به أجواء حرب و عنف و هلع ،

وكثيرا ما تكون الدوافع لا إرادية ،وسط زخم من الفوضى والقلق والمهام .

" تغلَّب على شعوره بالعطش والجوع اللذين هيَّجتْهُما أصواتُ المدافع، "

لم يكن الأمر يتعلق بطلقة واحدة مسالمة ، بل بطلقات تأمر بها عنجهية الظلم ،

ويطلقها مركزة مضغوطة الجورالمتمكن والطغيان المسيطر .

أية موائد مهما بلغت زينتها تغري في مثل هذا الموقف ؟؟

فصوت المدافع يقبر الشعور بالجوع و العطش و يحيي الشعور بالواجب ،فتتغير معالم الطاولة ،

لتتحول من مائدة طعام لشيء آخر استأثر بكل تركيز البطل ،الطاولة هي هي لكن بساط لما لا يمت للطعام بصلة .

يقول الكاتب :

" واستحضرَ جميعَ تركيزِه فوق تلك الطاولةِ، "

مازات الحيرة تأخذ بنا ، و مازال الفكر يسرح بفهمنا ،

إن لم تكن مائدة طعام الإفطار ، فما الذي يمكن وضعه عليها ؟؟

" وحاول بما حباهُ اللهُ من رغبةٍ في النَّجدةِ، وأخذ يبحثُ عن الرَّصاصةِ الغائرةِ في أحشاءِ هذا الصَّبي "

هو ذا ،،، بطلنا طبيب ...

أخذ بنا القاص للحظات في جولة سريعة في ضمير البطل ، " رغبته في النجدة "

هي رسالة الأطباء و برّ بقسمهم المهني ، بل إن بطلنا يمثل أعلى حالات الإخلاص ، حيث يصرف النظر عن تلبية حاجاته ،

ويواصل صومه لينقذ حياة الآخرين ، ناكرا ذاته و حاجياته و حقوقه .

نعم ، إنه يحاول فقط ،والله تعالى هو المنجي وهو الحافظ ، وأيضا يحاول لأن الجرح غائر والإصابة بليغة ..

الضحية طفل !!!

إنهم يقتلون البراءة ، ويجرحون الزهور ، ويبيدون الجمال ،حتى في رمضان والناس صيام .

كون الضحية من عالم الطفولة يزيد من فداحة الجرم ، ويرفع درجة السخط والاستنكار إلى أعلى النسب .

ويبقى السؤال في الأخير غصة تخنق فينا الأنفاس، ورجفة قلب يرتعش فرقا ،

هل نجا ؟؟ هل أفلح الطبيب في إنقاذ الطفل المصاب ؟؟

متى ستتوقف قذائف المدافع الآثمة لتفسح الفضاء لطلقات الحرية ، وأصوات تكبيرات الصائمين فرحا بيوم عيدهم ،

عيد النصر ؟؟

لا ريب أن ما قرأناه يستحق أفضل وأعمق من قراءةِ متذوقة، كل ما قامت به هو تحويل مشاعرها

و إحساسها بالقصة إلى كلمات ،فاقبلوا مني راجية الصفح عن أي سهو أو خطأ .

إن مضمون بعض القصص نراه متمثلا أمام العين ، بارز الفكرة قريب الشخوص ،

نعيش معه الأحداث لحظة لحظة ، ننسجم مع ماهيته وكينونته ، نتوحد مع جزيئات مشاهده كلها .

هي قصة شعرنا بثقل أحزانها ، وأتبعنا آخر كلمة فيها زفرة لم تزد جوفنا إلا التهابا .
______

نادية بوغرارة

يتم التشغيل بواسطة Blogger.